الْفَصْلُ الرَّابِعُ
مَتَّى تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ؟
وَأَمَّا مَتَى تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ؟ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ فِي آخِرِ رَمَضَانَ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ» .
وَاخْتَلَفُوا فِي تَحْدِيدِ الْوَقْتِ ": فَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ: تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّهَا تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمِ رَمَضَانَ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَبِالثَّانِي قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلْ هِيَ عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِيَوْمِ الْعِيدِ، أَوْ بِخُرُوجِ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ لِأَنَّ لَيْلَةَ الْعِيدِ لَيْسَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَفَائِدَةُ هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي الْمَوْلُودِ يُولَدُ قَبْلَ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ وَبَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ .
الْفَصْلُ الْخَامِسُ
فِي مَصْرِفِهَا
وَأَمَّا لِمَنْ تُصْرَفُ: فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ تُصْرَفُ لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَغْنَوْهُمْ عَنِ السُّؤَالِ فِي هَذَا الْيَوْمِ» .
وَاخْتَلَفُوا هَلْ تَجُوزُ لِفُقَرَاءِ الذِّمَّةِ؟ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ لَهُمْ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَجُوزُ لَهُمْ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلْ سَبَبُ جَوَازِهَا هُوَ الْفَقْرُ فَقَطْ، أَوِ الْفَقْرُ وَالْإِسْلَامُ مَعًا؟ فَمَنْ قَالَ: الْفَقْرُ وَالْإِسْلَامُ لَمْ يُجِزْهَا لِلذِّمِّيِّينَ، وَمَنْ قَالَ: الْفَقْرُ فَقَطْ أَجَازَهَا لَهُمْ، وَاشْتَرَطَ قَوْمٌ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ تَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَكُونُوا رُهْبَانًا.
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ لَا تَجُوزُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتَرُدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» .