فصل (?)
قوله عز وجل: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} [الأعراف: 55 - 56].
هاتان الآيتان مشتملتانِ على آداب نوعي الدُّعاء: دعاءِ (?) العبادة ودعاءِ المسألة، فإنَّ الدعاءَ في القرآن يُرادُ به هذا تارة وهذا تارةً، ويرادُ به مجموعهما، وهما متلازمان، فإن دعاءَ المسألة هو طلب ما ينفع الدَّاعيَ، وطلب كشف ما يضرُّه أو دَفْعه (?). وكُلُّ من يملكُ الضُّرَّ والنفع حقًّا (?) فإنه هو المعبودُ حقًّا، والمعبودُ لا بُدَّ وأن يكونَ مالكًا للنفع والضُّرِّ.
ولهذا أنكر اللهُ تعالى على من عَبَدَ من دونِه ما لا يملكُ (?) ضرًّا ولا نفعًا، وذلك كثيرٌ في القرآن، كقوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} [يونس: 18]، وقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ} [يونس: 156]، وقوله تعالى: {أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76)} [المائدة: 76]، وقوله تعالى: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا