الناس، فإنَّ الشيطانَ إنما يتسلَّطُ على ابن آدَمَ وينالُ منه غَرَضهُ من هذه الأبواب الأربعة، فإن فضولَ النظر يدعوه إلى الاستحسانِ، ووقوع صورةِ المنظور إليه في القلب، والاشتغالِ به، والفكرةِ في الظَّفَرِ به، فمبدأُ الفتنة من فضول النظر، كما في "المسند" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "النَّظْرَةُ سَهْمٌ مَسْمُوٌم مِنْ سِهَامِ إبْلِيسَ، فَمَنْ غَضَّ بَصَرَهُ للهِ أوْرَثَهُ اللهُ حَلاوَةً يَجِدُها في قَلْبهِ إلى يَوْمِ يَلْقَاهُ" (?)، أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -. فالحوادث العِظَام إنما كلُّها من (?) فضول النظر، فكم نظرة أعقبت حَسَرات لا حَسْرة، كما قال الشاعر (?):
كلُّ الحوادثِ مَبْدَاها من النَّظَرِ ... ومُعْظمُ النَّار من مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ
كم نظرةٍ فَتَكَتْ في قلب صاحِبها ... فَتْكَ السِّهام بلا قَوْس ولا وَتَرِ
وقال الآخر (?):
وكنتَ متى أرسلتَ طَرْفَكَ رائدًا ... لقلبِكَ يومًا أتعبتْكَ المناظرُ