بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النجم: 32] ومنه: المِجَنُّ لاستتار المُحَارِبِ به من سلاح خصمِهِ، ومنه: الجَنَّةُ لاستتار داخلها بالأشجار، ومنه: الجُنَّةُ بالضمِّ: لِمَا يَقِي الإنسانَ من السِّهام والسِّلاح، ومنه: المجنون لاستتار عقلِه.

وأما "الناسُ" فبينهُ وبينَ الإنس مناسبةٌ فى اللفظ والمعنى، وبينهما اشتقاق أوسط، وهو: عَقْد (?) تقاليب الكلمة على معنى واحد (?)، والإنس والإنسان مشتقٌ من الإيناس وهو الرؤية والإحساس، ومنه قوله: {آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} [القصص: 29] أي: رآها، ومنه: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] أي: أحسستموه ورأيتموه، فالإنسان سمِّيَ إنسانًا لأنه يُؤْنَسُ أي: يُرَى بالعين.

والناس فيه قولان:

أحدهما: أنه مقلوب من أنس وهو بعيد، والأصل عدم القلب.

والثاني: -وهو الصحيح- أنه من النَّوْس وهو الحَرَكة المتتابعة، فسُمِّيَ النَّاسُ ناسًا للحركة الظاهرة والباطنة، كما يسمَّى الرجلُ: حارثًا وهمَّامًا، وهما أصدقُ الأسماء كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (?)؛ لأن كل أحدٍ له همٌّ وإرادةٌ هي مَبْدأ، وحرثٌ وعملٌ هو مُنتهى، فكلُّ أحدٍ حارثٌ وهَمَّام، والحَرْثُ والهّمُّ، حركتا الظاهر والباطن، وهو حقيقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015