فصل: في قوله: {من الجنة والناس} وبم تعلق الجار والجرور؟

الدِّهْليز له، ومن القلب تخرجُ الأوامرُ والإرادات إلى الصدر ثم تتفرَّقُ على الجنود.

ومن فهم هذا فهم قولَه تعالى: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} [آل عمران: 154] فالشيطان يدخل إلى ساحة القلب وبيتِه، فيُلْقي ما يريدُ إلقاءه في القلب، فهو موسوِسٌ في الصدر، ووسوسته (?) واصلةٌ إلى القلب، ولهذا قال تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ} [طه: 120]، ولم يقل: فيه؛ لأن المعنى: أنه ألقى إليه ذلك وأوصلَهُ إليه، فدخل في قلبه.

فصل

وقوله تعالى: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)} اختلف المُفَسِّرونَ في هذا الجارِّ والمجرور: بمَ يتعلَّقُ؟ .

فقال الفَرَّاءُ (?) وجماعة: هو بيانٌ للناسِ المُوَسْوَس في صدورهم، والمعنى: يوَسوِسُ في صدور الناس الذين هم من الجَن والإنس، أي المُوَسوَس في صدورهم قسمان: إنس وجن.

فالوسواسُ يُوَسوِسُ للجنِّيِّ كما يوسوسُ للإنسي، وعلى هذا القول فيكون "منَ الجنة والناس": نصبًا على الحال؛ لأنه مجرورٌ بعد معرفة على قول البصريين، وعلى قول الكوفيين نصبًا بالخروج من المعرفة، هذه عبارتهم، ومعناها: أنه لما لم يصلحُ أن يكون نعتًا للمعرفة انقطع عنها، فكان موضعُهُ نصبًا، والبصريون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015