فإن خالفَه وسلكَه ثَبَّطَهُ فيه وعوَّقَهُ، وشوَّشَ عليه بالمُعارضات والقواطع، فإن عَمِله وفرغ منه، قيَّضَ له ما يُبْطِلُ أثَرَه وَيَرُدُّهُ على حافِرَته.
ويكفي من شرِّه: أنه أقسمَ بالله ليقعُدَنَّ لبني آدم صراطه المستقيم، وأقسم لَيَأتِيَّنهُمْ من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أَيْمانهم وعن شمائلهم، ولقد بلغ شرَّه أن أعملَ المكيدة، وبالغ فى الحِيلة، حتى أخرجَ آدَمَ من الجنة، ثم لم يَكْفِهِ ذلك حتى استقطعَ من أولاده شرطة للنَّار من كلِّ ألف تسع مئة وتسعة وتسعين (?)، ثم: لم يكفِهِ ذلك حتى أعملَ الحيلةَ في إبطال دعوة الله من الأرض، وقصد أن تكون الدعوةُ له، وأن: يُعْبَدَ من دون الله فهو ساعٍ بأقصى جَهْده على إطفاء نور الله وإبطال دعوته، وإقامة دعوة الكفر والشرك، ومحو التوحيد وأعلامه من الأرض.
ويكفي من شَرِّه: أنه تصدى لإبراهيم خليل الرحمن حتى رماه قومُهُ بالمَنْجَنِيق فى النَّار، فردَّ اللهُ تعالى كيدَهُ عليه، وجعل النارَ على خليله بَرْدًا وسلامًا، وتصدَّى للمسيح - صلى الله عليه وسلم - حتى أراد اليهود قتلَه وصلبَه، فرد الله كَيْدَهُ، وصان المسيحَ ورفعه إليه، وتصدَّى لزكريا ويحيى حتى قُتِلا، واستثار (?) فرعون حتى زَيَّنَ له الفسادَ العظيم في الأرض ودعوى أنه ربُّهم الأعلى، وتصدَّى للنبي - صلى الله عليه وسلم - وظاهر الكفار على قتلة بجَهْده، والله تعالى يكبتُهُ ويَرُدُّهُ خاسئًا، وتفلَّتَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهاب من نار يُريد أن يَرمِيَهُ به وهو فى الصلاة، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم -