مطمعَ فيه لعدوه (?)، ولا يضرُّه إلا أذىً لا بدَّ منه؛ كالحر والبرد والجوع والعطش، وأما أن يَضُرَّهُ بما يبلغُ منه مرادَه؛ فلا يكون أبدًا، وفَرْق بين الأذى الذي هو في الظاهر إيذاءٌ له وهو في الحقيقة إحسان إليه وإضرار بنفسه، وبين الضرر الذي يُتَشَّفى به منه.

قال بعض السلف: جعل اللهُ -تعالى- لكل عمل جزاءً من جنسه (?)، وجعل جزاءَ التَّوَكُّل عليه نفس كفايته لعبده، فقال: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ولم يقل: نُؤتِهِ كذا وكذا من الأجْرِ، كما قال في الأعمال، بل جعل نفسَه سبحانه كافِيَ عبده المتوكل عليه وحسبه وواقيه، فلو توكَلَ العبدُ على الله تعالى حقَّ توكُّلِهِ، وكادَتْه السموات والأرض ومن فيهن، لجعل له مخرجًا من ذلك، وكفاه ونصره (?).

وقد ذكرنا حقيقةَ التَّوَكُّل وفوائده وعِظَمَ منفعته وشدَّةَ حاجة العبد إليه في كتاب: "الفتح القدسي"، وذكرنا هناك فسادَ من جعله من المقامات المعلولة، وأنه من مقامات العوامِّ، وأَبْطَلنا قولَه من وجوهٍ كثيرة، وبيّنا أنه من أجلِّ (?) مقامات العارفين، وأنه كلَّما علا مقامُ العبد كانت حاجته إلى التَّوَكُّل أعظمَ وأشدَّ، وأنه على قَدْر إيمان العبد يكون توكُّلُهُ، وإنما المقصود هنا ذكرُ الأسباب التي يندفع بها شرُّ الحاسد والعائن، والسَّاحر والباغي.

السبب الخامس: فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه، وأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015