والأرواح الشريرة، وسلطانُه إنما يظهرُ منها، فلهذا ذكرت النَّفَّاثَات هنا بلفظ التأنيث دون التذكير، والله أعلم.

ففي "الصحيح" (?) عن هشام بن عُرْوَةَ، عن أبيه، عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طُبَّ، حتى إنه لَيُخَيَّلُ إليه أنه صَنَع شيئًا وما صنعه، وأنه دعا ربَّه، ثم قال: "أشَعَرتِ أنَّ الله قَدْ أفْتَانِي فيما اسْتَفْتَيتُهُ فِيهِ"، فقالت عائشة: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: "جَاءَنِى رَجُلانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُما عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيّ، فَقَالَ أَحَدُهُما لِصَاحِبهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قالَ الآخَرُ: مَطبُوبٌ، قالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قال: لَبيدُ بنُ الأَعْصَم. قالَ لَهُ: فَبمَاذا؟ قَال: في مُشْطٍ ومُشاطَةٍ وجُفِّ طَلْعة ذَكرٍ، قال: فأيْنَ هُوَ؟ قال: في ذَرْوَانَ بئرٍ في بَنِي زُرَيقٍ". قالت عائشة رضي الله عنها: فأتاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم رجع إلى عائشة رضي الله عنها فقال: "واللهِ لكأَنَّ مَاءَها نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، ولَكَأَنَّ نَخْلَها رُؤُوسُ الشيَّاطِينِ"، قال: فقلت له: يا رسول الله هلا أخرجته؟ قال: "أمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِى اللهُ وَكَرِهْتُ أَنْ أُثيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا" فأمَرَ بها فدُفِنَتْ.

قال البخاري: وقال الليث وسفيان بن عيينة، عن هشام: في مشط ومُشَاقة، ويقال: إن المُشاطة ما يخرجُ من الشعر إذا مُشِطَ، والمشاقة من مشاقة الكَتّان.

قلت: هكذا في هذه الرواية إنه لم يُخرجه اكتفاء بمعافاة الله له وشفائه إياه، وقد روى البخاري (?) من حديث سفيانَ بن عُيَيْنَةَ قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015