عن زِرِّ بن حُبَيش، وحدثنا عاصم عن زِرٍّ، قال: "سألت أُبى ابن كعب، قلت: أبا المنذر إن أخاك ابنَ مسعود يقول كذا وكذا، فقال: إني سألت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "قِيْلَ لي، فقلتُ: قُل" (?) فنحن نقول كما قال رسول الله".
قلت: مفعول القول محذوف، وتقديره: "قيل لي: قل"، أو: قيل لي هذا اللفظ، فقلت كما قيل لي.
وتحت هذا من السر أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ليس له في القرآن إلا بلاغه، لا أنه هو أنشأه] من قِبل نفسِه، بل هو المبلَغ له عن الله. وقد قال الله له: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} فكان مقْتضَى البلاغ التام أن يقول: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} كما قال الله. وهذا هو المعنى الذي أشار إليه - صلى الله عليه وسلم - (?) بقوله: "قيل لي فقلت" أي: فلستُ مبتدئًا بل أنا مبلِّغ أقولُ كما يقال لي، وأبلّغ كلامَ ربى كما أنزله إليَّ.
فصلوات الله وسلامه عليه، لقد بلَّغ الرسالةَ وأدى الأمانةَ، وقال كما قيل له، فكفانا وشفانا من المعتزلة والجهمية وإخوانهم ممن يقول: هذا القول العزيز (?) وهذا النظمُ كلامُه ابتدأَ هم به! ففي هذا الحديث أَبْيَن الرد لهذا القول، وأنه - صلى الله عليه وسلم - بلغ القولَ الذي أُمِر (ق/ 170 ب) بتبليغِه على وجهِه ولفظِه، حتى إنه لما قيل له: "قل" قال هو: "قل"؛ لأنه مبلغ محض، وما على الرسول إلا البلاغ.