الذي يقصد لذلك، ولا قَصَدَ أيضًا تعرُّضًا وطلبًا على ما (?) يقصده العبد. ولا (?) قَصَد العموم، وهو أيضًا غير لائق هنا؛ لأن سلامًا منه سبحانه كافٍ من كل سلام، ومُغْنِ عن كلِّ تحية، ومقرِّب من كلِّ أُمنية، فأدنى سلام منه -ولا أدنى هناك (?) - يستغرق الوصفَ، ويتم النعمةَ، ويدفع البؤسَ، ويطيب الحياةَ، ويقطع موادَ العَطَبِ والهلاك، فلم يكن لذكر "الألف واللام" هناك معنًى. وتأمل قولَه تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: 72] كيف جاءَ بـ "الرضوان" مبتدأ منكرًا مخبرًا عنه بأنه أكبر من كلِّ ما وُعِدُوا به، فأيسر شيءٍ من رضوانه أكبر من الجنات وما فيها من المساكن الطيبة وما حوته، ولهذا لما يتجلى لأوليائه في جنات عَدْن، ويمنيهم: أيّ شيءٍ يريدون؟ "فيقولون: ربّنا وأَيّ شيءٍ نريدُ أفضلَ مما أعطيتنا، فيقول تبارك وتعالى: إنَّ لكم عِنْدي أفضلَ من ذلكَ أُحِلُّ عليكم رِضْواني فلا أسْخَطُ عليكم بَعْدَه أبدًا" (?).

وقد بانَ بهذا الفرق بين سلام الله على رسله وعباده، وبين سلام العباد عليهم، فإن سلام العبادِ لمَّا كان متضمِّنًا لفوائد "الألف واللام" التي تقدَّمت من قَصْد التبرك باسمه السلام، والإشارة إلى طلب السلام وسؤالها (ق / 156 ب) من الله باسمه "السلام"، وقصد عموم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015