تعطي النفي، ولذلك جاز: "إنما يقوم أنا"، و "أنا" لا تكون فاعله إلا إذا فُصلت من الفعل بـ "إلَّا"، تقول: "ما يقوم إلا أنا" ولا تقول: "يقوم أنا"، فإذا قلت: "إنما قام أنا" (?)، صرتَ كأنكَ قلت: لفظت بـ"ما" مع "إلا" قال (?):

أُدَافِعُ عَنْ أَعْرَاضِ قَوْمي وإِنَّما ... يُدَافِعُ عَنْ أَعْرَاضِهم أَنا أو مِثْلي

فإذا عرفتَ أن زيادتها مع "أن" واتصالها بها اقتضى هذا النفي والإيجاب فانقل هذا المعنى إلى اتصالها بحرف الجرِّ من قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ} [آل عمران: 159] و {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} [المائدة: 13]، وتأمَّل كيف تجد الفرقَ بين هذا التركيب وبين أن يقال: "فبرحمة من الله" و"فبنقضهم ميثاقهم" وإنك تفهم من تركيب الآية: ما لنت لهم إلا برحمةٍ من الله، وما لعناهم إلا بنقضهم ميثاقهم، وكذلك قوله: {فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 88]، دلَّت على النفي بلفظها وعلى الإيجاب بتقديم ما حقّه (ق/150 أ) التأخير من المعمول، وارتباط ما به مع تقديم (?)، كما قُرر في قولهم: "شرٌّ ما (?) جاء به"، وقد بسطنا هذا في "كتاب الفتح المكي"، وبينا هناك أنه ليس في القرآن حرفٌ زائد، وتكلَّمنا على كلِّ ما ذكر في ذلك، وبيَّنا أنَّ كلَّ لفظةٍ لها فائدة متجددة زائدة (?) على أصل التركيب، ولا يُنْكَر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015