ما تقدمها وتقريره، فلا معنى لوصف الاشتقاق والانتقال (?) فيها أصلاً، وتسميتها "حالاً" تعبير نحوي اصطلاحي، وإلا فالعرب لم تقل: هذه حال، حتى يُقال: كيف سميتموها حالاً وهي وصف لازم، وإنما النحاة سموها: حالاً، فيالله العجب! أتكون تسميتهم الحادثة الاصطلاحية موجبة لاشتراط التنقل والاشتقاق! ! فلو سمَّاها مسمٍّ بغير هذا الاسم، وقال: هذه نصب على القطع من المعرفة إذا جاءت بعد معرفة، أكان يلزمه هذا السؤال؟ فقد بانَ لكَ ضعف ما اعتمده من الجواب، وبالله التوفيق.

عاد كلامه، قال (?): "وأما قوله: {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا} [البقرة: 91] فقد حكموا أنها حال مؤكدة، ومعنى الحال المؤكدة أن يكون معناها كمعنى الفعل؛ لأن التوكيد هو المؤكد في المعنى، وذلك نحو: "قم قائمًا"، و"أنا زيد معروفاً"، هذه هي الحال المؤكدة فى الحقيقة. وأما: {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا} [البقرة: 91] فليست بحال مؤكِّدة؛ لأنه قال: {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة: 91] وتصديقه لما معهم ليس في معنى الحق؛ إذ ليس من شرط الحق [أن يكون مصدقًا] (?) لفلان ولا مكذبًا له، بل الحق في نفسه حق وإن لم يكن مصدقًا لغيره، ولكن {مُصَدِّقًا} هنا حال من الاسم المجرور من قوله تعالى: {وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ} [البقرة: 91] وقوله: {وَهُوَ الْحَقُّ} جملة في معنى الحال أيضًا. والمعنى: كيف تكفرون بما وراءه وهو في هذه الحال؛ أعني: مصدِّقًا لما معكم، كما تقول: "لا تشتم (?) زيدا وهو أمير محسنًا إليك"؛ فالجملة حال،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015