ذاهب"، هلاَّ اكتفَوا بعمل هذه الأفعال في الأسماء عن تصيير الجملة في معنى الحديث، كما أكتفوا في باب "كان" و"إنَّ"، فقالوا: "كان زيد قائمًا"، ولم يقولوا: "كان إن زيدًا قائمًا"؟ .
قيل: الفرق بينهما أن هذه أفعال تدلُّ على الحَدَث والزمان، وليست بمنزلة "كان" و"ليس" (?)، ولا بمنزلة "إن" و"ليت"، فجرت مجرى "كرهت" و"أحببت"، فلذلك قالوا: علمت أنك مُنْطلق، كما قالوا: أحببت أنك مُنْطلق، إلا أنها تخالف كرهت وسائر الأفعال؛ لأنها لا تطلب إلا الحديث خاصة ولا تتعلق إلا به، فمن ثَمَّ قالوا: "علمت زيدًا منطلقًا" و"زيد علمتُ منطلق"، ولم يقولوا: "كرهت زيدًا أخاك"؛ لأنه لا متعلق لكرهت وسائر الأفعال بالحديث، إنما مُتَعلّقها الأسماء، إلا أن تفنعها "أنَّ" (?) من العمل في الأسماء، فتصير متعلقةً بالحديث، فافهمه.
فصل (?)
فإن قيل: فما العامل في هذا الحديث المؤكَّد بـ "أنَّ" من قولك: "لو أنك ذاهب فعلت"، لاسيما و"لو" لا يقع بعدها إلا الفعل، ولا فِعْلَ هاهنا؛ فما (?) موضع "أنَّ" وما بعدها؟ .
فالجواب: أنَّ "أنَّ" في معنى التأكيد، وهو تحقيق وتثبيت، فذلك المعنى الذي هو التحقيق اكتفت به "لو"، حتى كأنه فِعْل