وما فيها (?)، ومتى سمَّى اللهُ الحربَ والمكيدةَ "صراطا مستقيمًا"؟ ! وهل فسر هذه الآية أحدٌ من السلف أو الخلف بذلك؟ ! بل الصراطُ المستقيمُ ما جعله الله عليه من الهدى ودين الحق الذي أمرِه أن يخبر بأن الله هداه إليه في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: 161]، ثم فسَّره بقوله تعالى: {دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)} [الأنعام: 161] ونصب "دِيْنًا". هُنا على البدل من الجار والمجرور، أيْ هداني دِيْنًا قِيَمًا، أَفَتَرَاه يمكنه هاهنا أن يقول: إنه الحرب والمكيدة! فهذا جواب فاسد جدًّا! ! .
وتأمل ما جمع الله سبحانه (?) لرسوله في آية الفتح من أنواع (?) العطايا، وذلك خمسة أشياء؛ أحدها: الفتح المبين، والثاني: مغفرة: ما تقدم من ذنبه وما تأخَّر، والثالث: هدايته الصراط (?) المستقيم، والرابع: إتمامْ نعمته عليه، والخامس: إعطاؤه النصر العزيز. وجَمَع. له سبحانه بين الهدى والنصر؛ لأنَّ هذين الأصلين بهما كمال: السعادة والفلاح، فإنَّ الهدى هو: العلم بالله ودينه والعمل: بمرضاته وطاعته، فهو العلمُ النافعُ والعملُ الصالح، والنصر و [هو]: القدرة التامَّة على تنفيذ دينه؛ بالحجة والبيان، والسيف والسِّنان، فهو النصر بالحجة واليد، قَهْرُ قلوبِ المخالفين له بالحجة، وقَهْرُ أبدانهم باليد.