كونًا ما لا يحبه، ويحب ويرضى بأشياء لا يريد تكوينها، ولو أرادها لوقعت، وهذا مقرَّر في غير هذا الموضع.

قال (?): ومن فوائد هذه المسألة أن يسئل عن المعنى الذي لأجله قال تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] بحرف "على"، وقال تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] بـ "الباء"، {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هود: 37] وما الفرق؟

فالفرق: أنَّ الآية الأولى وردت في إظهار أمر كان خفيًّا وإبداء ما كان مكتومًا؛ فإن الأطفال إذ ذاك كانوا يُغْذَون ويصنعون سرًّا، فلما أراد أن يُصنع موسى ويُغْذَى ويُربَّى على حال أمنٍ وظهور [أمر] (?)، لا تحت خوف واستسرار، دخلت "على" في اللفظ تنبيهًا على المعنى؛ لأنها تعطي معنى (?) الاستعلاء، والاستعلاء ظهور وإبداء، فكأنه يقول سبحانه: "ولتصنع على أمن لا تحت خوف" وذكر العين لتضمنها معنى الرعاية والكلاءة.

وأما قوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} (?) [القمر: 14] فإنه إنما يريد: برعاية منا وحفظ، ولا يريد إبداء شيء ولا إظهاره بعد كتم، فلم يحتج في الكلام إلى معنى "على" بخلاف ما تقدم".

هذا كلامُه، ولم يتعرض -رحمه الله- لوجه الإفراد هناك والجمع هنا، وهو من ألطف معاني الآية؛ والفرق بينهما يظهر من الاختصاص الذي خصَّ به موسى في قوله تعالى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: 41]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015