ولذلك مَدَح سبحانه بالأيدي مقرونة مع الأبصار في قوله تعالى: {أُولِي الأَيْدِي وَالأبْصَارِ} [ص: 45] ولم يمدحهم بالجوارح؛ لأن المدح لا يتعلَّق إلا بالصفات لا بالجواهر".
قلت: المرادُ بالأيدي والأبصار هنا القوة في أمر الله والبَصَر بدينه، فأراد أنهم من أهل القُوى في أمره والبصائر في دينه، فليست من يَدَيتُ إليه يدًا (?)، فتأمله.
قال (?): وإذا ثبت هذا فصحَّ قول أبي الحسن الأشعري (?): إن اليد من قوله: "خلق آدم بيده" (?)، وقوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] صفة ورد بها الشرع، ولم يقل: إنها في معنى القدرة كما قال المتأخرون من أصحابه، ولا في معنى النعمة، ولا قَطَع بشيءٍ من التأويلات تحرُّزًا منه عن مخالفة السلف، وقَطَع بأنها صفةٌ تحرُّزًا عن مذهب المشبِّهةِ.
فإن قيل: وكيف خوطبوا بما لا يَفْهمون ولا يستعملون، إذ اليد بمعنى الصفة لا يفهم معناه؟ .
قلنا: ليس الأمر كذلك، بل كان معناها مفهوما عند القوم الذين نزل القرآن بلغتهم، ولذلك لم يستفت واحد من المؤمنين عن معناها، ولا خاف على نفسه تَوَهَّم التشبيه، ولا احتاج إلى شرح وتنبيه.