المجرمون، وكما يحذف من الصِّلة والصفة والحال إذا دلَّ عليه دليل، ودعوى قُبح حذفه من الخبر مما لا دليل عليها. وللكلام في تقرير هذه المسألة موضع آخر.
والمقصود: أن إنشادَ البيت بالنصب محافظةً على عدم الحذف إخلالٌ (?) شديدٌ بالمعنى. وأما إذا تقدم النفي وقلت: "لم أصنع كله ولم أضرب كلهم"، فكأنك لم تتعرَّض للنفي عن كل فردٍ فردٍ، وإنما نفيت فعل الجميع ولم تنفِ فعل البعض، ألا ترى أن قولك: "لم أصنع الكلَّ" مناقض لقولك: "صنعتُ الكلَّ"، والإيجاب الكلِّي يناقضه السلب الجزئي، ألا ترى إلى قولهم: "لم أُرِد كلَّ هذا" فيما إذا فعل ما يريده وغيره، فتقول: "لم أُرِد كلَّ هذا" ولا يصح أن تقول: "كلُّ هذا لم أرده"، فتأمله، فهذا تقرير هذه المسألة، وقد أغناك عن ذلك التطويل المتعِبْ القليل الفائدة.
فصل (?)
واعلم أن "كلًّا "من ألفاظ الغَيبة، فإذا أضفته إلى المخاطبين، جاز لك أن تُعِيدَ الضَّميرَ عليه بلفظ الغَيبة مراعاةً للفظه، وأن تعيده بلفظ الخطاب مراعاةً لمعناه، فتقول: كلُّكم فعلتم، وكلُّكم (?) فَعَلوا.
فإن قلت: "أنتم كلُّكم فعلتم"، أو "أنتم (?) كلُّكم بينكم درهم"، فإن جعلت "أنتم" مبتدأ، و "كلكم" تأكيدًا، قلت: أنتم كلكم فعلتم