ولكن مَنَعَ من هذا أصلٌ أصَّلْناه، ودليل أقمناه على أن الاسم الموصول إذا عُنِي به المصدر، ووصل بفعل مشتق من ذلك المصدر، لم يجز؛ لعدم الفائدة المطلوبة من الصلة، وهي: إيضاح الموصول وتبيينه، والمصدر لا يوضح فعله (?) المشتق من لفظه؛ لأنه كأنه هو لفظًا ومعنًى، إلا في المختلف الأنواع كما تقدم.
قال: ووجه آخر أقوى من هذا، وهو: أن "أيًّا" لا تكون بمعنى "الذي" حتى تُضَاف إلى معرفة، فتقول: "لقيت أيهم في الدار"، إذ من المحال أن يكون بمعنى "الذي" وهو نكرة، و"الذي" لا يُنكَّر، وهذا أصل يُبْنَى عليه في "أَي".
وهو أن لفظ "ألف" و"ياء" مكرَّرة راجع في جميع الكلام إلى معنى التعيين والتمييز للشيء من غيره، فمنه: "إياة الشمس"، لضوئها؛ لأنه يبينها ويميزها من غيرها، ومنه: الآية: العلامة، ومنه: خرج القوم بآيتهم، أي: بجماعتهم التي يتميَّزون بها عن غيرهم، ومنه: تأيَّيتَ بالمكان، أي: تَلَبَّثْتَ لتتبيَّنَ شيئًا أو تُميِّزه. ومنه قول امرئِ القيس:
قِفْ بالدِّيَارِ وُقُوْفَ حَابِسْ ... وَتَأيَّ إِنَّكَ غَيْرُ يَائسْ (?)