معمولَ الفعلِ عليه وهو ممتنعٌ، فلما وقعتْ "إما" بينَ الفعل ومعمولِهِ عُلِم أنها ليستْ بعاطِفَةٍ.
الثاني: أنك تقولُ: "جَاءَنِي إمَّا زَيْدٌ وإمَّا عَمْرٌو" (?) فتقعُ "إما" بين الفعلِ والفاعلِ، ومعلومٌ أنَّ الفاعلَ كالجزءِ من الفعل، فلا يصحُّ الفصلُ بينهما بالعاطفِ.
الثالث: أنك تقول: "وإما عَمْرو" فتُدْخِل الواو عليه، ولو كانت حرفَ عطفٍ لم يدخلْ عليها حرفُ عطفٍ آخَرُ، كما لا تقول: "ضَرَبْتُ زَيْدًا وأوْ عَمْرًا".
الرابع. أن العطفَ لابُدَّ أن يكونَ عطفَ جملةٍ على جملةٍ، أو مفردٍ على مفرَدٍ، وإذا قلت: "ضربتُ إمَّا زَيْدًا وإمَّا عَمْرًا" فـ "إما" الأولى لم تعطفْ زيدًا على مفردٍ، ولا يصِحُّ عطفُه على الجملة بوجهٍ، فالصوابُ أن حروفَ العطفِ تسعةٌ لا عَشَرَةٌ.
فائدة
إذا قلت: "جَاءَنِي زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو" فله معنيانِ:
أحدهما: أنك نفيتَ المجيءَ عن زيدٍ وأثبتَّهُ لعَمرو، وعلى هذا فيكونُ إضرابَ نفي.
والثاني: أنك أثبتَّ لعمروٍ المجيءَ كما أثبتَّهُ لزيدٍ، وأتيتَ بـ "بل" لنفيِ الاقتصارِ على الأوَّلِ لا لنفيِ الإسنادِ إليه، بل لنفيِ الاقتصارِ على الإسنادِ (ظ/ 270 أ) إليه، ويُسَمَّى: إضرابَ اقتصارِ، وهذا أكثرُ استعمالها في القرآنِ وغيرِه، كقوله تعالى: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ