واحتجَّ بقوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] والأمر إنما يكونُ للمستقبل، وقد عمل في "الآن".

وأجيبَ (ظ/268 أ) عن ذلك بأنَّ "الآن" هنا هو الزَّمَنُ المُتَّصِلُ أوَّلُه بالحالِ مستمرًّا في الاستقبال، فعبَّر عنه بـ "الآن" اعتبارًا بأوله، كقوله تعالى: {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)} [الجن: 9]، والصواب أن "الآنَ" في الآية ظرفٌ للأمر والإباحة لا لفعلِ المأمور به، والمعنى: فالآنَ أَبَحْتُ لكم مباشَرَتَهُنَّ، لا أن المعنى: فالآن مُدَّةُ وقوع المباشرة منكم، وترجح الحاليَّة بنفيه بـ "ما وليس وإن" كقوله: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: 9]، وكقوله: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 109]، ومثالُ نفيه: بـ "ليس" قولُ الشاعر (?):

ولستُ وبَيْتِ اللهِ أَرْضَى بِمِثْلِها ... ولكنَّ مَنْ يَمْشِي سَيَرْضَى بِما رَكِبْ

وأما قوله (?):

فما مِثْلُه فيهمْ ولا كانَ قَبْلَهُ ... وليس يكونُ الدَهْرَ ما دامَ يَذْبُلُ

فإنما جاء للاستقبال من تقسيم النفي إلى ماض وحال ومستقبل.

وقال ابن مالك: لا يخلصُه النفيُ بذلك للاستقبال، واحتجَّ بهذا البيت، وبقوله (?):

والمرءُ سَاعٍ لأَمْرٍ ليسَ يُدْرِكُهُ ... والعَيْشُ شُحٌّ وإشْفَاقٌ وَتَأْمِيلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015