دعائهم هذين الأمرين, فقالوا: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192)} [آل عمران: 192 - 193].
فلما علموا أن خلق السموات والأرض, يستلزم الثواب والعقاب, تعوذوا بالله من عقابه, ثم ذكروا الإيمان الذي أوقعهم عليه فكرهم في خلق السموات والأرض, فقالوا: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا} [آل عمران: 193] , فكانت ثمرة فكرهم في خلق السموات والأرض: الإقرار به تعالى, وبوحدانيته, وبدينه, وبرسله, وبثوابه وعقابه, فتوسلوا إليه بإيمانهم, الذي هو من أعظم (ق / 379 أ) فضله عليهم إلى مغفرة ذنوبهم, وتكفير سيئاتهم, وإدخالهم مع الإبرار إلى جنته التي وعدوها (?) , وذلك تمام نعمته عليهم, فتوسلوا بإنعامه عليهم أولا إلى إنعامه عليهم آخرًا, وتلك وسيلة بطاعته إلى كرامته, وهو إحدى الوسائل إليه, وهي الوسيلة التي أمرهم بها (?) في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35].
وأخبر عن خاصَّة عبادهم أنهم يبتغون الوسيلةَ إليه إذ يقول تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [الإسراء: 57] على أن في هاتين الآيتين أسرارًا بديعة ذكرتها في كتاب "التحفة المكية في بيان الملة الإبراهيمية", فأثمر لهم فكرهم الصحيح في خلق السموات والأرض. أنه لم يخلقها باطلا (?) وأثمر لهم: