إلى جهة القبلة التي تؤمونها, فهكذا تجتمعون من سائر أقطار الأرض , إلى جهة الموقف الذي يؤمه الخلائق, وهذا نظير قوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} [المائدة: 48] , فأمرهم باستباق الخيرات , (?) وأخبر أن مرجعهم إليه عند إخباره بتعدُّد شرائعهم (?) ومناهجهم كما ذكر ذلك بعينه عند إخباره بتعدد وجههم وقبلهم. فقال: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا} [البقرة: 148] (?).

وتحت هذا سرٌّ بديعٌ يفهمه من يفهمه, وهو أنه عند الاختلاف في الطرائق والمذاهب والشرائع والقبل يكون أقربها إلى الحق ما كان أدل على الله, وأوصل إليه؛ لأن مرجع الجميع إليه يوم القيامة وحده, وإن اختلفت أحوالهم وأزمنتهم وأمكنتهم (?) , فمرجعهم إلى رب واحد وإله واحد, فهكذا ينبغي أن يكون مرد الجميع ورجوعهم كلهم إليه وحده في الدنيا, فلا يعبدون غيره, ولا يدينون بغير دينه, إذ هو إلههم الحق في الدنيا والآخرة.

فإذا كان أكثر الناس قد أبى ذلك إلا كفورا وذهابا في الطُّرُق الباطلة وعبادة غيره, وإن دانوا غير دينه, فاستبقوا أنتم أيها المؤمنين الخيرات, وبادروا إليها, ولا تذهبوا مع الذين يسارعون في الباطل والكفر فتأمل (ظ / 261 أ) هذا السر البديع في السورتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015