منهم: من يُسَوِّي بين الهَدْى والأُضْحِيَة في المنع، ويقول: إذا بعثَ الحلالُ هَدْيًا صارَ مُحْرِمًا، ولا يحلُّ حتى يَنْحَرَ، كما روي عن ابن عباس (?) وغيره.
ومنهم: من يُسَوِّي بينهما في الإذْنِ، ويقول: بل المضحِّي لا يمنعُ عن شيء كما لا يُمْنَعُ باعثُ الهدي، فيقيسونَ على أحد النَّصَّينِ ما يعارضُ الآخَرَ.
وفقهاء الحديثِ كيحيى بن سعيد (?) وأحمد بن حنبل وغيرهما عملوا بالنَّصَّينِ، ولم يقيسوا أحدَهما على الآخَرِ.
وكذلك عند أحمد وغيره من فقهاءِ الحديثِ، لما أمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُصَلِّيَ الناسُ قعودًا إذا صلَّى إمامُهم قاعدًا (?)، ثم لما افتتحوا الصلاة قيامًا أتَمَّها بهم قيامًا (?)، فعمِلَ بالحديثينِ، ولم يَقِسْ على أحدِهما قياسًا ينقضُ الآخَرَ ويجعلُهُ منسوخًا كما فعلَ غيرُهُ.
قلت: وكذلك فَعَل في حديث الأمْرِ بالوضوءِ من لُحومِ الإبِلِ (?)، وتركِ الوضوءِ مما مَسَّتِ النارُ (?)، عمل بهما، ولم يقسْ على أحدِهما قياسًا يُبْطِلُ الآخَرِ ويجعلُه منسوخًا.