قلت: على أحمد ثلاثُ رواياتِ منصوصات حكاها أبو عبد الله بن تيميَّة (?) في "ترغيبه" (?).
أحدها: الاشتراط وهي المعروفة عند متأخِّري أصحابنا.
الثَّانية: عدم الاشتراط، اختارها شيخُنا.
الثَّالثة: الفرقُ بين الأقوال والأفعال، فإن شهدَ على الفعل؛ لم يشترط لفظ الشهادة، بل يكفيه أن يقولَ: "رأيتُ وشاهدتُ وتيقَّنتُ"، ونحوه، وإن شهود على القول؛ فلابُدَّ من لفظ الشهادة.
إذا عُرِفَ هذا، فإذا قال الحاكم: "أُعْلِمكما أو أُخْبِركما"، أو قال شاهدا الأصل لشاهدي الفرع: نُعلمُكُما أو نخبِرُكما بأنا نشهدُ بكذا وكذا، ساغ أن يقولا: "أشْهدَنا" كما يسوغ أن يقولا: "أخْبَرَنا وأَعْلَمَنَا"، ولا فرقَ بينهما ألبتةَ لا في اللفظ ولا في المعنى، ولا في الشرع ولا في الحقيقة، فالتَّفريقُ بينهما تفريق بين المتماثلين والشريعةُ تأباهُ، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدفعُ كُتُبهُ إلى رُسُلِهِ يُنْفِذونها إلى المكتوب إليه، ولم يقل لأحدِ منهم: أُشْهِدُك أن هذا كتابي، وكان الرسولُ يدفَع كتابَه إلى المرسَل إليه، ولا يقول: أشهدُ أن هذا كتابُ رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -، ولا يقول: أَشْهدَنِي على ما فيه، ولو سُئِلَ الشهادةَ لشَهِدَ قطعًا وقال: أشهد أَنَّه كتابُهُ.