أوجبت مالًا كان على من يحملُ جنايَتهُ، ولا ريبَ أن الوطءَ يجري مجرى الجنَاية، إذ لا بُدَّ فيه من عفو أو عقوبة، وجنايةُ الصَّبِيِّ علىَ النفوس والأعضاء والمنافع على عاقلته، وهذه جنايةٌ على منفعة الصِّبِيَّة فتكونُ على عاقلته، وهذا أصوبُ الاحتمالين، ولم أر أصحابنا تعرَّضوا لهذا (?) النَّصِّ ولا وجهه.
قلت: أيقطعُ في الطير؟ قال: لا يقطع في الطير، قال إسحاق كما قال.
قلت: لعله أراد به الطيرَ إذا تفلَّتَ من قفصه فصاده، وهو خلافُ ظاهرِ كلامِهِ، إذ يقالُ: الطيرُ لا تستقرُّ عليه اليدُ ولا يثبتُ في الحِرْز، ولا سيَّما إذا اعتادَ الخروجَ والمجيء كالحمام، وأجودُ من هذين المأخذين أن يقالَ: إذا أخذه فهو بمنزلة من فتح القفصَ عنه حتى ذهب ثم صاده من الهواء، فإن مِلْك صاحبه عليه في الحالين واحد، وهو لو تَفَلَّت من قفصِه ثم جاء إلى دار إنسانٍ فأخذه لم يقطعْ، ولو صاده من الهواء لم يقطعْ، فكذلك إذا فتح قَفَصَه وأخذه منه، والقاضي تأوَّل هذا النَّصَّ على الطير غير المملوك، ولا يخفى فسادُ هذا التأويل، والذي عندي فيه: أن أحمدَ ذهب إلى قول أبي يوسف في ذلك، والله أعلم.
قلت: رجلٌ زَوَّجَ جارِيَتَهُ ثم وقع عليها؟ قال أحمد: أما الرجم فأدرأُ عنه ولكن أَضْرِبُه الحَدَّ، محصنًا كان أو غير مُحْصَنٍ.
قال إسحاق كما قال: يُجْلَدُ مئةً نكالًا كما قال عمر.
قلت: لعله سمى التعزير حدًّا، وبلغ به مئة، أو لما سقط عنه