وذكر أبو عمر (?) عن ابن عُيَيْنَةَ وسُحنون: "أجسرُ النَّاسِ على الفُتْيا أَقَلُّهم علمًا".
وكان مالك يقول: من أجاب في مسألة فينبغي من قبل أن يجيبَ فيها أن يعوضَ نفسه على الجنَّة أو النَّار، وكيف يكونُ خلاصُه في الآخرة.
وسُئل عن مسألة فقال: لا أدري، فقيل له: إنها مسألةٌ خفيفةٌ سهلةٌ، فغضب وقال: ليس في العلم شيءٌ خفيفٌ، ألم تسمعْ قوله جل ثناؤه: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)} [المزمل: 5] فالعلمُ كلُّه ثقيلٌ وخاصَّة ما يسأل عنه يومَ القيامة.
وقال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصعُبُ عليهم المسائلُ ولا يُجيبُ أحدُهم في مسألة حتى يأخذَ رأيَ أصحابه (?)، مع ما رُزقوا من السَّداد والتوفيق مع الطهَّارة، فكيف بنا الذين غطَّتِ الخطايا والذنوبُ قلوبَنا؟ ! .
وقال عبد الرحمن بن مهدي: جاء رجلٌ إلى مالك يسألُه عن شيء أيامًا ما يُجيبهُ، فقال: يا أبا عبد الله إني أريدُ الخروجَ، وقد طال التَّرَدُّدُ إليك، فأَطْرَق طويلًا، ثم رفع رأسه، وقال: ما شاء الله يا هذا، إني إنما أتكلمُ فيما أحتسبُ فيه الخيرَ، ولستُ أُحْسِنُ مسألتَك هذه (?).
وسُئِلَ الشافعيُّ عن مسألة فسكت، فقيل له: ألا تجيبُ يرحمُك اللهُ؟ فقال: حتى أدريَ الفضل في سكوتي أو في الجواب.