الصواب، هذا ظاهرُ مذهب أحمد، ومذهبُ الشافعي أنه يبني على اليقين مطلقًا إمامًا كان أو منفردًا ولا يلتفتُ إلى قول غيره. ومذهبُ مالك أنه يبني على اليقين إلا أن يكونَ مستنكحًا (?) بالشَّكِّ، فإنه لا يلتفتُ إليه ويلْهى عنه، فإن لم يُمْكِنْهُ أن يَلْهَى عنه بنى على أول (?) خواطرِه، ومذهبُ أبي حنيفة أنه إن عَرَضَ له ذلك في أول صلاته أعادها، وإن عَرَضَ له فيما بعدَها بنى على اليقين.

الخامسة عشرة: إذا شكَّ هل دخل وقتُ الصلاة أو لا؟ لم يصَلِّ حتى يَتَيَقَّنَ دخولَه، فإن صلَّى مع الشَّكِّ ثم بان أنه صلَّى في الوقت، فقد قالوا: يُعيدُ صلاتَهُ، وعلى هذا إذا صلَّى وهو يَشُكُّ هل هو محدِثٌ أو مُتَطَهِّرٌ، ثم تيقَّنَ أنه كان متطهرًا، فإنه يعيدُها أيضًا، وكذلك إذا صلَّى إلى جهةٍ وشكَّ هل هي القِبلة أو غيرها، ثم تبيَّنَ له أنها جهةُ القبلة.

ولا كذلك إذا شَكَّ في طهارة الثوب والبَدَن والمكان، فصلَّى فيه ثم تَيَقَّنَ أن ذلك كان طاهرًا، لأن الأصل هنا الطهارة وقد تيقنه آخرًا، فتوسُّطُ الشَّكِّ بين الأصل واليقين لا يؤثر بخلاف المسائل الأُوَلِ؛ لأن الأصلَ فيها عدمُ الشُّروط (?) فالشَّك فيها مستنِدٌ إلى أصل يوجِبُ عليه حكمًا لم يأتِ به.

والذي تقتضيه أصولُ الشَّرْع وقواعدُ الفقهِ في ذلك هو التَّفرِقة بين المعذورِ والقادِرِ، فالمعذورُ لا يجبُ عليه الإعادةُ إذا لم يْنُسب إلى تفريط، وقد فعلَ ما أدَّاه إليه اجتهادُهُ وأصابَ، فهو كالمجتهد المُصيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015