النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِي مَالِهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا (ق/280 ب) بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ عِنْدَ اللهِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزقْهُ مَالاً، فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلان فَهُوَ بنِيَّتِهِ وَأجْرُهُمَا سَوَاءٌ. وعَبْدٍ رَزقَهُ اللهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْه عِلْمًا ... " فَذكرَ شَرَّ مَنْزِلَتَه (?) عِنْدَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: "وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالاً وَلا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْت فِيهِ بِعَمَلِ فُلانِ فَهُوَ بِنِيَّتَهِ، وَهُمَا في الوِزْرِ سَوَاءٌ" (?).
فالنيةُ تتعلَّقُ بالمقدورِ عليه والمعجوزِ عنه، بخلاف القصد والإرادة فإنهما لا يتعلقانِ بالمعجوز عنه، لا من فعله ولا من فعل غيره، وإذا عُرِف حقيقة النية ومحلها من الإيمان وشرائعه تبيَّن الكلام في المسألة نفيًا وإثباتًا بعلم وإنصاف؛ ولنذكرْ كلماتهم وما فيها من مقبولٍ ومردود.
فأما قولهم: إن الماءَ خُلق بطبعه مُبَرِّدًا ومُرْوِيًا وسيَّالاً ومُطَهِّرًا، وحصولُ هذه الآثار منه لا تفتقر إلى نية، إلى آخره.
فيقال: إن أردتمْ بكونه مطهِّرًا يطبعه أنه منظِّفٌ لمحل التطهير، فمسلَّم. ولكن نزاعنا في أمر وراءَهُ، وإن أردتم أنه يفتتحُ به الصلاة ويرفعُ المانعُ الذي جعله الشارعُ صادًّا عن الدخول فيها بطبعه من غير اعتبار نية؛ فدعوى مجردة لا يمكنكم تصحيحُها ألبتة، بل هي بمثابة