السماء كما دلت عليه سورة (حم السجدة) وبأنها مهبط وحيه ومستقر كتبه ورسله ومحل أحب الأعمال إليه وهو الجهاد والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومغايظة أعدائه ونصر أوليائه وليس في السماء من ذلك شيء وبأن ساكنيها من الرسل والأنبياء والمتقين أفضل من سكان السماء من الملائكة كما هو مذهب أهل السنة فمسكنهم أشرف من مسكن الملائكة وبأن ما أودع فيها من المنافع والأنهار والثمار والمعارف والأقوات والحيوان والنبات ما هو من بركاتهم لم يودع في السماء مثله وبأن الله سبحانه قال: {وَفِي الأرض آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} ثم قال: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} فجعل الأرض محل آياته والسماء محل رزقه ولو لم يكن له فيها إلا بيته وبيت خاتم أنبيائه ورسله حيا وميتا وبأن الأرض جعلها الله قرارا وبساطا ومهادا وفراشا وكفاتا ومادة للساكن لملابسه وطعامه وشرابه ومراكبه وجميع آلاته ولا سيما إذا أخرجت بركتها وازّيّنت وأنبتت من كل زوج بهيج.
قال المفضلون للسماء على الأرض: يكفي في فضلها أن رب العالمين سبحانه فيها وأن عرشه وكرسيه فيها وأن الرفيق الأعلى الذي أنعم الله عليه فيها وأن دار كرامته فيها وانها مستقر أنبيائه ورسله وعباده المؤمنين يوم الحشر وأنها مطهرة مبرأة من كل شر وخبث ودنس يكون في الأرض ولهذا لا تفتح أبوابها للأرواح الخبيثة ولا يلج ملكوتها ولأنها مسكن من لا يعصون الله طرفة عين فليس فيها موضع أربع أصابع إلا وملك ساجد أو قائم وبأنها أشرف مادة من الأرض وأوسع وأنور وصفى وأحسن خلقه وأعظم آيات وبأن الأرض محتاجة في كمالها إليها ولا تحتاج هي إلى الأرض ولهذا جاءت في كتاب الله في غالب المواضع مقدمة على الأرض وجمعت وأفردت الأرض فبشرفها وفضلها أتى بها مجموعة وأما الأرض فلم يأت بها إلا مفردة وحيث أريد تعدادها قال: {وَمِنَ الأرْضِ} وهذا القول هو الصواب والله سبحانه وتعالى أعلم.