"ما شاء الله يا هذا إني إنما أتكلم فيما أحتسب فيه الخير ولست أحسن مسألتك هذه".
وسئل الشافعي عن مسألة فسكت فقيل له ألا تجيب يرحمك الله؟ فقال: "حتى أدري الفضل في سكوتي أو في الجواب".
وكان سعيد بن المسيب لا يكاد يفتى فتيا ولا يقول شيئا إلا قال: "اللهم سلمني وسلم مني".
وقال سحنون: "أشقى الناس من باع آخرته بدنياه، وأشقى منه من باع آخرته بدنيا غيره؛ فقال: تفكرت فيه وجدته المفتى يأتيه الرجل قد حنث في امرأته ورقيقته فيقول له: لا شيء عليك فيذهب الحانث فيستمتع بامراته ورقيقته وقد باع المفتي دينه بدنيا هذا".
وجاء رجل إلى سحنون يسأله عن مسألة فأقام يتردد إليه ثلاثة أيام فقال: مسألتي أصلحك الله اليوم ثلاثة أيام؟ فقال له: "وما أصنع بمسألتك مسألتك معضلة وفيها أقاويل وأنا متحير في ذلك فقال: وأنت أصلحك الله لكل معضلة؟ فقال سحنون: هيهات يا ابن أخي ليس بقولك هذا أبذل لحمي ودمي للنار وما أكثر ما لا أعرف إن صبرت رجوت أن تنقلب بمسألتك وإن أردت أن تمضي إلى غيري فامض تجاب في مسألتك في ساعة فقال: إنما جئت إليك ولا استفتي غيرك قال: فاصبر ثم أجابه بعد ذلك".
وقيل له: إنك تسأل عن المسألة لو سئل عنها أحد من أصحابك لأجاب فيها فتتوقف فيها؟ فقال: "إن فتنة الجواب بالصواب أشد من فتنه المال".
وقال بعض العلماء: "قلّ من حرص على الفتوى وسابق إليها وثابر عليها إلاّ قلّ توفيقه واضطرب في أمره وإن كان كارها لذلك غير مختار له ما وجد مندوحة عنه وقدر أن يحيل بالأمر فيه إلى غيره كانت المعونة له من الله أكثر والصلاح في جوابه وفتاويه أغلب".
وقال بشر الحافي: "من أحب أن يسأل فليس بأهل أن يسأل".
وذكر أبو عمر عن مالك "أخبرني رجل أنه دخل على ربيعة فوجده يبكي فقال: ما يبكيك أمصيبة دخلت عليك وارتاع لبكائه؟ فقال: "لا ولكن استفتي من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم". قال ربيعة: "ولبعض من يفتى ههنا أحق بالحبس من السراق".