كان لمحبة تآلف قلوب أصحابه وموافقتهم وتطييب نفوسهم بأن يفعل كما فعلوا ودّ لو أنه أحل كما أحلّوا ولكن منعه سوق الهدي وعلى هذا فيكون الله تعالى قد اختار له أفضل الأنساك بفعله وأعطاه ما تمناه من موافقة أصحابه وتآلف قلوبهم بنيته ومناه فجمع له بين الأمرين وهذا هو اللائق به صلوات الله تعالى وسلامة عليه.
فائدة:
استشكل الناس من حديث قتل كعب بن الأشرف استئذان الصحابة أن يقولوا في النبي صلى الله عليه وسلم وذلك ينافي الإيمان وقد أذن لهم فيه. وأجيب عنه بأجوبة:
أحدها: بأن الإكراه على التكلم بكلمة الكفر يخرجها عن كونها كفرا مع طمأنينة القلب وبالإيمان وكعب قد اشتد في أذى المسلمين وبالغ في ذلك فكان يحرّض على قتالهم وكان في قتله خلاص المسلمين من ذلك فكان إكراه الناس على النطق بما نطقوا به ألجأهم إليه فدفعوا عن أنفسهم بألسنتهم مع طمأنينة قلوبهم بالإيمان وليس هذا بقوي.
الجواب الثاني: أن ذلك القتل والكلام لم يكن صريحا بما يتضمن كفرا بل تعريضا وتورية فيه مقاصد صحيحة موهمة موافقة في غرضه وهذا قد يجوز في الحرب الذي هو خدعة.
الجواب الثالث: إن هذا الكلام والنيل كان بإذنه والحق له وصأحب الحق إذا أذن في حقه لمصلحة شرعية عامة لم يكن ذلك محظورا.