وكنظر الخاطب الذي مقصوده الإفضاء إلى المصلحة الراحجة فإن قرب الإفضاء قربا ما فهو الورع وهو في المراتب على قدر قرب الإفضاء وبعده وكلما قرب الإفضاء كان أولى بالكراهة والورع حتى ينتهي إلى درجة التحريم.
فائدة:
قول الملائكة للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء: "مرحبا به" أصل في استعمال هذه الألفاظ وما ناسبها عند اللقاء نحو (أهلا وسهلا ومرحبا وكرامة وخير مقدم وأيمن مورد) ونحوها ووقع الاقتصار منها على لفظ مرحبا وحدها لاقتضاء الحال لها فإن الترحيب هو السعة وكان قد أفضى إلى واسع الأماكن ولم يطلق فيها سهلا لأن معناه وطئت مكانا سهلا والنبي صلى الله عليه وسلم محمولا إلى السماء.
فائدة:
قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي موسى: "والله لا أحملكم ولا عندي ما أحملكم عليه" يحتمل وجهين:
- أحدهما: أن يكون جملة واحدة والواو واو الحال والمعنى لا أحملكم في حال ليس عندي فيها ما أحملكم عليه، ويؤيد هذا جوابه صلى الله عليه وسلم حيث قال: "ما أنا حملتكم الله حملكم" وعلى هذا فلا تكون هذه اليمين محتاجة إلى تكفير.
- ويحتمل أن تكون جملتين حلف من إحداهما أنه لا يحملهم وأخبر في الثانية أنه ليس عنده ما يحملهم عليه. ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث لما قيل له إنك حملتنا وقد حلفت فقال إني " لا أحلف على يمين فأرى غيرها