ويمد عنقه خاضعا ذليلا لعزته حتى إذا مر به معظمه وغمرته وأذن ليله بالصباح فإذا سعى في زواله ساعدته الأسباب ومن تأمل هذا في الخلق أنتفع به أنتفاعا عظيما ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى.
فائدة:
رجل قالت له زوجته أريد منك أن تطلقني فقال لها إن كنت تريدين أن أطلقك فأنت طالق فهل يقع الطلاق بهذا أو لا بد من إخبارها عن إرادة مستقبلة؟ وقال بعض الفقهاء: "لا بد من إرادة مستقبلة عملا بمقتضى الشرط وأن تأثيره إنما هو في المستقبل". قال بعضهم: "بل تطلق بذلك اكتفاء بدلالة الحال على أنه إنما أراد بذلك أجابتها إلى ما سألته من طلاقها المراد لها فأوقعه معلقا له بإرادتها التي أخبرته بها هذا هو المفهوم من الكلام لا يفهم الناس غيره". وقال ابن عقيل: "ظاهر الكلام ووضعه يدل على إرادة مستقبلة ودلالة الحال تدل على أنه أراد إيقاعه لأجل الإرادة التي أخبرته بها ولم يزد".
قلت: وكأنه ترجيح منه للوقوع اكتفاء بدلالة الحال على ما هو المعهود من قواعد المذهب ولفظ الشرط في مثل هذا لا يستلزم الاستقبال وقد جاء مرادا به المشروط المقارن للتعليق وهو كثير في أفصح الكلام كقوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ، وقوله: {وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} ، وقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ} وقول مريم: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً} وهو كثير جدا.
ولما كان ما يتلو أداة الشرط في هذا لا يراد به المستقبل بل يراد الحال والماضي قال بعض النحاة: إن فيه بمعنى إذا التي تكون للماضي وقال غيره: إنها للتعليل والتحقيق فيها أنها