وإذا قالت له لا تشتر لي كذا فإني لا أحبه أن يقول لها مثله هذا مما يقطع أن الحالف لم يرده فإذا لم يخاطبها بمثله لم يحنث وهكذا يقطع بأن هذه الصورة المسؤول عنها لم يردها ولا كان بساط الكلام يقتضيها ولا خطرت بباله وإنما أراد ما كان من الكلام الذي هيج يمينه وبعثه على الحلف ومثل هذا يعتبر عندنا في الأيمان.
فائدة:
قرأ قارىء {إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإذا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ وَإذا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} وفي الحاضرين أبو الوفاء بن عقيل فقال له قائل: يا سيدي هب أنه أنشر الموتى للبعث والحساب وزوج النفوس بقرنائها بالثواب والعقاب فلم هدم الابنية وسير الجبال ودك الأرض وفطر السماء ونثر النجوم وكور الشمس؟ فقال: "إنما بني لهم الدار للسكنى والتمتع وجعلها وجعل ما فيها للاعتبار والتفكر والاستدلال عليه بحسن التأمل والتذكر فلما انقضت مدة السكنى وأجلاهم من الدار خربها لانتقال الساكن منها فأراد أن يعلمهم بأن الكونين كانت معمورة بهم وفي إحالة الأحوال وإظهار تلك الأهوال وبيان المقدرة بعد بيان العزة وتكذيب لأهل الإلحاد وزنادقة المنجمين وعباد الكواكب والشمس والقمر والأوثان فيعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين فإذا رأوا آلهتهم قد انهدمت وأن معبوداتهم قد أنتثرت وانفطرت ومحالها قد تشققت، ظهرت فضائحهم وتبين كذبهم وظهر أن العالم مربوب محدث مدبر له رب يصرفه كيف يشاء تكذيبا لملاحدة الفلاسفة القائلين بالقدم فكم لله تعالى من حكمة في هدم هذه الدار ودلالة على عظم عزته وقدرته وسلطانه وانفراده بالربوبية وانقياد المخلوقات بأسرها لقهره وإذعانها لمشيئته فتبارك الله رب العالمين.