في غايه الغثاثة. قال ابن عقيل: "وما الذي أحوجه إلى هذا والجنة دار لا يخلق فيها أذى ولا نصب لا مطلقا بل لا يدخل الدخل إليها ذلك على طريق الإكرام كما قال تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى} وذلك مشروط بالطاعة فإذا جاز ذلك في حق آدم علم أنه ليس بواجب في حق الطير ولا يمتنع في قدرة الله تعالى أن يكون هذا الطائر مشوبا لا عن روح خرجت منه أو عن روح خرجت خارج الجنة وولج الجنة وهو لحم مشوي.
قلت: وما الذي أوجب هذا التكلف كله فالجنة دار الخلود لأهلها وسكانها وأما الطير فهو نوع من أنواع الأطعمة التي يحدثها الله لهم شيئا بعد شيء فهو دائم النوع وإن آحاده متصرمة كالفاكهة وغيرها وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم "أن المؤمنين ينحر لهم يوم القيامة ثور الجنة الذي كان يأكل منها فيكون نزلهم" فهذا حيوان قد كان يأكل من الجنة فينحر نزلا لأهلها والله أعلم.
فائدة:
"الدنيا سجن المؤمن" فيه تفسيران صحيحان:
أحدهما: أن المؤمن قيده إيمانه عن المحظورات والكافر مطلق التصرف.
الثاني: أن ذلك باعتبار العواقب فالمؤمن لو كان أنعم الناس فذلك بالأضافه إلى مآله في الجنة كالسجن والكفار عكسه فإنه لو كان أشد الناس بوسا فذلك بالنسبة إلى النار جنته.