فعليه العقوبة وجميع تصرفاته في مال الغير آثام متكررة وأما صاحب المال فلا وجه لثوابه لأن ذلك البناء لم يكن له فيه نية ولا حسبة وما لم يكن للمكلف فيه عمل ولا نية فلا يثاب عليه وإنما يطالب غاصبة يوم القيامة فيؤخذ من حسناته بقدر ماله.
قلت: في هذا نظر لأن النفع الحاصل للناس متولد من مال هذا وعمل هذا والغاصب وإن عوقب على ظلمه وتعدية واقتص المظلوم من حسناته فما تولد من نفع الناس بعمله له وغصب المال عليه وهو لو غصبه وفسق به لعواقب عقوبتين فإذا غصبه وتصدق به أو بنى به رباطا أو مسجدا أو أفتك به أسيرا فإنه قد عمل خيرا وشرا فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. وأما ثواب صاحب المال فإنه وإن لم يقصد ذلك فهو متولد من مال اكتسبه فقد تولد الخير وأيضا فإن أخذ ماله مصيبة فإذا أنفق في خير فقد تولد له من المصيبة خير والمصائب إذا ولدت خيرا لم يعدم صاحب منه ثوابا وكما أن الأعمال إذا ولدت خيرا أثيب عليه وإن لم يقصده فالمصائب إذا ولدت خيرا لم يمنع أن يثاب عليه وإن لم يقصده والله أعلم.
فائدة:
رجل مات وترك دينا فورثه ولده ولم يستوفه فهل المطالبة به في الآخرة له أو لولده قال بعض أصحاب أحمد: "المطالبة للابن لأن الإرث أنتقل عن الأب إلى الابن فصار الحق له.
قلت: وفي هذا نظر وينبغي التفصيل فإذا كان الموروث قد عجز عن استيفائه وتعذر عليه فقد وجب أجره له وله حق المطالبة لا للابن لأن الإرث أنتقل عن الأب إلى يوم القيامة والحقوق الآخروية لا تورث وإن أمكنه