إذا رجع الشهود بعد الدخول فكذلك يقول يجب عليهم غرم المهر الذي بذله الزوج وهو إحدى الراويتين عن أحمد رضي الله عنه.
فإن قيل فما في مقابلة المهر قد استوفاه بوطئه فلم يفت عليه شيء، قيل: ليس كذلك لأنه إنما بذل المهر في مقابلة بضع يسلم له الاستمتاع به فإذا لم يسلم له رجع بما بذله ويدل عليه حكم الله عز وجل في المهاجرات وحكم الصحابة في امرأة المفقود.
فإن قيل فما تقولون فيما إذا أفسدت امرأة نكاحه برضاع؟ قيل: إن أفسدته قبل الدخول غرمت نصف المهر وفيه مأخذان:
أحدهما: أنها قررته عليه وهذا مأخذ كثير من الأصحاب لظنهم أنه لو كان لأجل التقويم لغرمت كمال المهر بعد الدخول.
والثاني: وهو الصحيح أنها إنما غرمت لأنه متقوم في خروجه وقد يقوم بنصف المهر وهو الذي بذله فهو الذي يرجع به وعلى هذا فإذا كان الإفساد بعد الدخول رجع عليها بكمال المهر هذا منصوص الإمام أحمد رحمه الله تعالى وفي رواية أبي القاسم. وقال بعض أصحابه: لا يرجع بشيء والمنصوص هو الأقوى دليلا ومذهبا والله تعالى أعلم.
فائدة:
إذا خاف على نفسه الهلاك وأبى صاحب الطعام أن يبذله إلا بعقد ربا فهل يباح أخذه منه على هذا الوجه أو يغالبه ويقاتله؟ قال بعض أصحاب أحمد: الربا عقد محظور لا تبيحه الضرورة والمغالبة والمقاتلة للمانع طريق إباحة الشرع فينبغي له أن يغلبه على قدر ما يحتاج إليه ولا يدخل في الربا فإن لم يقدر دخل معه في العقد ملافظة وعزم بقلبه على أن لا يتمم عقد الربا بل إن كان نسيئا عزم على أن يجعل العوض الثابت في الذمة قرضا.
ولو قيل إن له أن يظهر معه صورة الربا