المطهرون: لقد تعلقتم بما لا متعلق لكم به واستروحتم إلى خيال باطل فليسوا ظروفا للنجاسة البتة وإنما تصير الفضلة بولا وغائطا إذا فارقت محلها فحينئذ يحكم عليها بالنجاسة وإلا فما دامت في محلها فهي طعام وشراب طيب غير خبيث وإنما يصير خبيثا بعد قذفة وإخراجه وكذلك الدم إنما هو نجس إذا سفح وخرج فأما إذا كان في بدن الحيوان وعروقه فليس بنجس فالمؤمن لا ينجس ولا يكون ظرفا للخبائث والنجاسات.
قالوا والذي يقطع دابر القول بالنجاسة أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن الأمة شديدة البلوى في أبدانهم وثيابهم وفرشهم ولحفهم ولم يأمرهم فيه يوما ما بغسل ما أصابه لا من بدن ولا من ثوب البتة ويستحيل أن يكون كالبول ولم يتقدم إليهم بحرف واحد في الأمر بغسله وتأخير البيان عن وقت الحاجة إليه ممتنع عليه.
قالوا: ونساء النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الأمة بحكم هذه المسألة وقد ثبت عن عائشة أنها أنكرت على رجل أعارته ملحفة صفراء ونام فيها فاحتلم فغسلها فأنكرت عليه غسلها وقالت: "إنما كان يكفيه أن يفركه بإصبعه ربما فركته من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم بإصبعي" ذكره ابن أبي شيبة: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام قال نزل بعائشة ضيف فذكره وقال أيضا حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: "لقد رأيتني أجده في ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحته عنه" تعنى المني وهذا قول عائشة وسعد ابن أبي وقاص وعبد الله بن عباس قال ابن أبي شيبة ثنا هشيم عن حصين عن مصعب بن سعد عن سعد "أنه كان يفرك الجناية من ثوبه" ثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن مصعب ابن سعد عن سعد "أنه كان يفرك الجنابة من ثوبه" حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في المني قال: "امسحه بإذخرة" ثنا هشيم انبأنا حجاج وابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس في الجنابة تصيب الثوب قال: "إنما هو كالنخامة أو النخاعة أمطه عنك بخرقة أو بأذخرة".
قالوا: وقد روى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلت المني من ثوبه