بدائع الفوائد (صفحة 596)

فإن كان وهبها على وجه المنفعة فلا بأس أن يأخذها بما تقوم وإذا جعل الجارية لله تعالى أو في السبيل أو أعطاها ابنه لم يعجبني أن يشتريها.

أبو حفص: إذا وهبها على جهة المنفعة دون الصدقة جاز أن يشتريها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز الرجوع في هبة الولد وإن جعل الجارية صدقة على ابنته وقصد الدار الآخرة لم يجز له الرجوع لا بثمن ولا بغيره لقوله: "لا تعد في صدقتك" قال أبو حفص: "وتحصيل المذهب أنه لا يجوز له الرجوع فيما دفع إلى غير الولد هبة كان أو صدقة ويرجع فيما وهبه لابنه ولا يرجع فيما كان على وجه الصدقة وروى عنه مهنا إذا تصدق الرجل بشيء من ماله على بعض ولده ويدع بعضا قال أبو حفص: "لا فرق بين العطية للمنفعة وبين الصدقة للأجر لأن كلاهما عطية وإنما يختلف حكمها في رجوع الوالد".

اختلف قوله في قسمة الرجل ماله بين ولده في حياته فروي "إن شاء قسم وإن شاء لم يقسم إذا لم يفضل" وروى عنه محمد بن الحكم "أحب إلى أب لا يقسم ماله يدعه على فرائض الله لعله يولد له" علي بن سعيد عن أحمد "إذا زوج بعض ولده وجهزه له ولد سواهم وهم عنده ينفق عليهم ويكسوهم فإن كان نفقته عليهم مما يجحف بماله ينبغي له أن يواسيهم وإن لم يجحف بماله وإنما هي نفقة فلا يكون عليه شيء" قال أبو حفص: "قوله يجحف بماله يعنى ينفق فوق الحاجة ينبغي أن يعطي الذين خرجوا من نفقته بإزاء ذلك لأن ما زاد على النفقة يجري مجرى النحل" وروى عنه أحمد بن الحسين في امرأة جعلت مالها لأحد بنيها إن هو حج بها دون أخويه "تعطيه أجرته وتسوي بين الولد" وروى عنه إسحاق بن إبراهيم في الأب يقول وهبت جاريتي هذه لابني إذا كان ذلك في صحة منه وأشهد عليه كان قبضه لها قبضا وهذه الرواية تدل على أن هبة الأب لابنه الصغير يجري فيها الإيجاب لأنه اعتبر في ذلك القبض وروى عنه يوسف بن موسى في الرجل يكون له الولد البار الصالح وآخر غير بار لا ينيل البار دون الآخر قال أبو حفص: "لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق ولأنه كالبار في الميراث"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015