بدائع الفوائد (صفحة 534)

ولا أفصحت عن هذا القدر في هذا ونحوه إلا باستقراء كلامها والتتبع لأنحائها ومقاصدها الموصل إلى غرائب هذه اللغة وأسرارها وحكمها فإن قيل فقد عرفنا صحة ذلك فما هي الحكمة التي من أجلها فرقوا بين المواطنين فجعلوها ضمائر في الأفعال وحروفا في الأسماء قيل في ذلك حكمة بديعة وهي أن الأسماء لما كان أصلها الإعراب كانت أحوج إلى علامة إعراب منها إلى علامة إضمار والأفعال أصلها البناء ولم يكن لها بد من الفاعل ضرورة فكانت أحوج إلى علامة إضمار الفاعلين منها إلى علامة إعراب مع أن هذه العلامة في الأسماء علامة تثنية وجمع وحروف إعراب أيضا والأفعال لا تثنى ولا تجمع إذ هي مشتقة من المصدر وهو لا يثنى ولا يجمع لأنه يدل على القليل والكثير بلفظ واحد هذه علة النحاة. وفيه علة أخرى هي أصح من هذه وألطف وأدق قد تقدمت في أول هذا التعليق وإذا ثبت أن الأفعال لا تثنى ولا تجمع وعلامة التثنية والجمع حروف إعراب فلا يكون الواو والألف إلا علامة إضمار ولا يكون في الاسماء وإن احتملت الضمائر إلا علامة تثنية وجمع وحروف إعراب على قول سيبويه أي محل الأعراب أو هي الأعراب نفسها على قول قطرب وغيره بمنزلة الحركات في المفرد أو دليل إعراب على قول أبي الحسن الأخفش وأبي العباس المبرد.

فصل: حكم الخبر إذا كان ظرفا أو جارا ومجرورا

هذا حكم الخبر إذا كان مفردا أو جملة فأما إذا كان واقعا موقع الخبر وليس هو نفسه خبرا كالظرف والمجرور فإنه واقع موقع مشتق متحمل للضمير وهو إما مفرد وإما جملة وأكثر النحاة يقدرونه بمفرد مشتق نظرا إلى أن الأصل في الخبر أن يكون مفردا فتقديره كذلك موافق للأصل وأيضا فإنما قدر لضرورة صحة الكلام فإن الظرف والمجرور ليس هو نفس المبتدأ وما قدر للضرورة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015