أحدها: أنه نادر فلا حكم له فلا كثرت صوره ولا جاء على الأصل كاستجوذ واستوثق البعير واغيمت السماء واغور واحول وما كان كذلك فلا حكم له.
الثاني: أن يكون قد أراد قطيعة القيام ثم حذف التاء للأضافه فإنها تجوز بحذفها عند الفراء وغيره وعليه حمل قوله تعالى: {وَإِقَامَ الصَّلاةِ} أي إقامتها لأن المعروف في ذلك إنما هو لفظ الإقامة ولا يقال إقام دون أضافه كما لا يقال أراد في أرادة ولا أقال في إقالة لأنهم جعلوا هذه التاء عوضا عن ألف إفعال أو عينه لأن أصل إقامة أقوام فنقلت حركة العين إلى الفاء فانقلبت ألفا فالتقت ألفان فحذفت إحداهما فجاءوا بالتاء عوضا فلزمت إلا مع الأضافه فإن حذفها جائز عند قوم قياسا وعند أخرين سماعا ومثلها في اللزوم تاء عدة وزنة وأصلهما وعد ووزن فحذفت الواو وجعلت التاء عوضا منها فلزمت وقد تحذف للأضافه كقول الشاعر:
إن الخليط أجدوا البين وانجردوا ... وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا
أي أخلفوك عدة الأمر فحذف التاء وعلى هذه اللغة قرأ بعض القرّاء {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} بالهاء أي عدته فحذف التاء.
الثالث: أن يكون فعيل في قوله قطيع القيام بمعنى مفعول لأن صاحب المحكم حكى أنه قال مبينا على قطعه وأقطعه إذا بكته وأقطعه إذا بكته وقطع هو فهو قطيع القول فقطيع على هذا بمعنى مقطوع أي مبكت فحذف التاء على هذا التوجيه ليس مخالفا للقياس وإن جعل قطيعا مبنيا على قطع كسريع من سرع فحقه على ذلك أن يلحقه التاء عند جريه على المؤنث إلا أنه شبه بفعيل الذي بمعنى مفعول فأجرى مجراه.
فهذا تمام اثني عشر مسلكا في هذه الآية أصحها المسلك المركب من السادس والسابع وباقيها ضعيف وواه ومحتمل؟
والمبتدىء والمقلد لا يدرك هذه الدقائق والفاضل المنصف لا يخفى عليه قويها من ضعيفها وليكن هذا آخر الكلام على الآية والله أعلم.