بدائع الفوائد (صفحة 525)

ولله الحمد رد لهذا المذهب ولا إبطال له فإن دخول التاء ههنا يتضمن فائدة لا تحصل بدونها فتعين الإتيان بها وهي أن المراد بالمرضعة فاعلة الرضاع فالمراد الفعل لا مجرد الوصف ولو أريد الوصف المجرد بكونها من أهل الأرضاع لقيل مرضع كحائض وطامث ألا ترى إلى قوله: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" فإن المراد به الموصوفة بكونها من أهل الحيض لا من يجري دمها فالحائض والمرضع وصف عام يقال على من لها ذلك وصفا وإن لم يكن قائما بها ويقال على من قام بها بالفعل فأدخلت التاء ههنا إيذانا بأن المراد من تفعل الرضاع فإنها تذهل عما ترضعه لشدة هول زلزلة الساعة وأكد هذا المعنى بقوله: {عَمَّا أَرْضَعَتْ} فعلم أن المراد المرضعة التي ترضع بالفعل لا بالقوة والتهيؤ وترجيح هذا المذهب له موضع غير هذا.

فصل: المسلك الخامس أن هذا من باب اكتساب المضاف حكم المضاف إليه إذا كان صالحا للحذف والاستغناء عنه بالثاني كقول الشاعر:

لما أتى خبر الزبير تواضعت ... سور المدينة والجبال الخشع

وقال الآخر:

مشين كما اهتزت رماح تسفهت ... أعاليها مر الرياح النواسم

وقال الآخر

بغي النفوس معيدة نعماءها ... نقما وإن عمهت وطال غرورها

فأنت في الأول السور المضاف إلى المدينة وفي الثاني المر المضاف إلى الرياح وفي الثالث البغي المضاف إلى النفوس لتأنيث المضاف إليه مع أن التذكير أصل والتأنيث فرع فحمل الأصل على الفرع فلأن يجوز تذكير المؤنث لإضافته إلى غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015