بدائع الفوائد (صفحة 514)

فأعظم الإحسان الإيمان والتوحيد والإنابة إلى الله والإقبال عليه والتوكل عليه وأن يعبد الله كأنه يراه إجلالا ومهابه وحياء ومحبة وخشية فهذا هو مقام الإحسان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم وقد سأله جبريل عن الإحسان فقال: "أن تعبد الله كأنك تراه" رواه مسلم الترمذي والنسائي وغيرهم. وإذا كان هذا هو الإحسان فرحمه الله قريب من صاحبه فإن الله إنما يرحم أهل توحيده المؤمنين به وإنما كتب رحمته {لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ} والذين يتبعون رسوله فهؤلاء هم أهل الرحمة كما أنهم هم المحسنون وكما أحسنوا جوزوا بالإحسان و {هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلاّ الإحْسَانُ} يعني هل جزاء من أحسن عبادة ربه إلا أن يحسن ربه إليه قال ابن عباس: "هل جزاء من قال لا إله إلا الله وعمل بما جاء به محمد إلا الجنة" وقد ذكر ابن أبي شيبة وغيره من حديث الزبير بن عدي عن أنس بن مالك قال: "قرأ رسول الله {هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلاّ الإحْسَانُ} ثم قال: هل تدرون ما قال ربكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال: يقول هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة ".

فصل:

وأما الإخبار عن الرحمة وهي مؤنثة بالتاء بقوله (قريب) وهو مذكر ففيه اثنا عشر مسلكا نذكرها ونبين ما فيها من صحيح وسقيم ومقارب:

المسلك الأول: أن فعيلا على ضربين: أحدهما يأتي بمعنى فاعل كقدير وسميع وعليم والثاني يأتي بمعنى مفعول كقتيل وجريح وكف خضيب وطرف كحيل وشعر دهين كله بمعنى مفعول فإذا أتى بمعنى فاعل فقياسه أن يجري مجراه في إلحاق التاء به مع المؤنث دون المذكر كجميل وجميلة وشريف وشريفة وصبيح وصبيه وصبي وصبية ومليح ومليحة فطويل وطويلة ونحوه وإذ أتى بمعنى مفعول فلا يخلو إما أن يكون يصحب الموصوف كرجل قتيل وامرأة قتيل أو يفرد عنه فإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015