حتى أوجب بعض السلف والخلف الإعادة على من لم يدع به في التشهد الأخير وأوجبه ابن حزم في كل تشهد فإن لم يأت به بطلت صلاته استعاذة النبي من ثمانية أشياء ومن ذلك قوله: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال" رواه البخاري ومسلم والنسائي فاستعاذ من ثمانية أشياء كل اثنين منها قرينان فالهم والحزن قرينان وهما من آلام الروح ومعذباتها والفرق بينهما أن الهم توقع الشر في المستقبل والحزن التألم على حصول المكروه في الماضي أو فوات المحبوب وكلاهما تألم وعذاب يرد على الروح فإن تعلق بالماضي سمي حزنا وإن تعلق بالمستقبل سمي هما والعجز والكسل قرينان وهما من أسباب الألم لأنهما يستلزمان فوات المحبوب فالعجز يستلزم عدم القدرة والكسل يستلزم عدم إرادته فتتألم الروح لفواته بحسب تعلقها به والتذاذها بإدراكه لو حصل والجبن والبخل قرينان لأنهما عدم النفع بالمال والبدن وهما من أسباب الألم لأن الجبان تفوته محبوبات ومفرحات وملذوذات عظيمة لا تنال إلا بالبذل والشجاعة والبخل يحول بينه دونها أيضا فهذان الخلقان من أعظم أسباب الآلام وضلع الدين وقهر الرجال قرينان وهما مؤلمان للنفس معذبان لها أحدهما قهر بحق وهو ضلع الدين والثاني قهر بباطل وهو غلبة الرجال وأيضا فضلع الدين قهر بسبب من العبد في الغالب وغلبة الرجال قهر بغير اختياره ومن ذلك تعوذه "من المأثم والمغرم " رواه البخاري فإنهما يسببان الألم العاجل ومن ذلك قوله: "أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك" رواه مسلم فالسخط سبب الألم والعقوبة هي الألم فاستعاذ من أعظم الآلام وأقوى أسبابها
فصل:
والشر المستعاذ منه نوعان: أحدهما موجود يطلب رفعه والثاني: معدوم يطلب