وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَإِنَّ الْأُولَى لَا تَعْتِقُ وَتَعْتِقُ الْأُخْرَى بِعِتْقِ الْأُمِّ فَإِذًا فِي حَالَةٍ لَهُمَا حُرِّيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي حَالَةٍ لَا شَيْءَ لَهُمَا فَيَثْبُتُ لَهُمَا نِصْفُ ذَلِكَ وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى فَيَصِيرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَهُوَ رُبُعُ الْكُلِّ فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رُبُعُهَا وَتَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهَا وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.
وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ وَلَدْت غُلَامًا ثُمَّ جَارِيَةً فَأَنْتِ حُرَّةٌ وَإِنْ وَلَدْت جَارِيَةً ثُمَّ غُلَامًا فَالْغُلَامُ حُرٌّ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً فَإِنْ كَانَ الْغُلَامُ أَوَّلًا عَتَقَتْ الْأُمُّ لِوُجُودِ شَرْطِ عِتْقِهَا وَالْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ رَقِيقَانِ لِانْفِصَالِهِمَا عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ وَعِتْقُ الْأُمِّ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ أَوَّلًا عَتَقَ الْغُلَامُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَالْأُمُّ وَالْجَارِيَةُ رَقِيقَتَانِ لِأَنَّ عِتْقَ الْغُلَامِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا أَوَّلًا وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ فَالْجَارِيَةُ رَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حَالَ لَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تُرَقُّ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ.
وَأَمَّا الْغُلَامُ وَالْأُمُّ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْتِقُ فِي حَالٍ وَيُرَقُّ فِي حَالٍ فَيَعْتِقُ نِصْفُهُ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَإِذَا اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ.
هَذَا إذَا وَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً فَأَمَّا إذَا وَلَدَتْ غُلَامَيْنِ وَجَارِيَتَيْنِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامَيْنِ ثُمَّ جَارِيَتَيْنِ؛ عَتَقَتْ الْأُمُّ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَعَتَقَتْ الْجَارِيَةُ الثَّانِيَةُ بِعِتْقِهَا وَبَقِيَ الْغُلَامَانِ وَالْجَارِيَةُ الْأُولَى أَرِقَّاءَ، وَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا ثُمَّ جَارِيَتَيْنِ ثُمَّ غُلَامًا؛ عَتَقَتْ الْأُمُّ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَالْجَارِيَةُ الثَّانِيَةُ وَالْغُلَامُ الثَّانِي بِعِتْقِ الْأُمِّ، وَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا ثُمَّ جَارِيَةً، ثُمَّ غُلَامًا ثُمَّ جَارِيَةً عَتَقَتْ الْأُمُّ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَالْغُلَامُ الثَّانِي وَالْجَارِيَةُ الثَّانِيَةُ بِعِتْقِ الْأُمِّ، وَإِنْ وَلَدَتْ جَارِيَتَيْنِ ثُمَّ غُلَامَيْنِ عَتَقَ الْغُلَامُ الْأَوَّلُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَالْغُلَامُ الثَّانِي وَالْجَارِيَةُ الثَّانِيَةُ بِعِتْقِ الْأُمِّ، وَإِنْ وَلَدَتْ جَارِيَتَيْنِ ثُمَّ غُلَامَيْنِ عَتَقَ الْغُلَامُ الْأَوَّلُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَبَقِيَ مَنْ سِوَاهُ رَقِيقًا وَكَذَلِكَ إذَا وَلَدَتْ جَارِيَةً ثُمَّ غُلَامَيْنِ ثُمَّ جَارِيَةً عَتَقَ الْغُلَامُ الْأَوَّلُ لَا غَيْرُ لِوُجُودِ شَرْطِ الْعِتْقِ فِي حَقِّهِ لَا غَيْرُ، وَكَذَلِكَ إذَا وَلَدَتْ جَارِيَةً ثُمَّ غُلَامًا ثُمَّ جَارِيَةً ثُمَّ غُلَامًا عَتَقَ الْغُلَامُ الْأَوَّلُ لَا غَيْرُ؛ لِمَا قُلْنَا، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِأَنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَيَّهُمْ الْأَوَّلَ يَعْتِقُ مِنْ الْأَوْلَادِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعُهُ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْغُلَامَيْنِ مَعَ إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ رَقِيقَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا حَالٌ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْجَارِيَةُ الْأُخْرَى وَالْغُلَامُ الْآخَرُ يَعْتِقُ كُلُّ وَاحِدِ مِنْهُمَا فِي حَالٍ وَيُرَقُّ فِي حَالٍ فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ فَمَا أَصَابَ الْجَارِيَةَ يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَارِيَةِ الْأُخْرَى نِصْفَيْنِ إذْ لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ رُبُعُهَا وَكَذَلِكَ مَا أَصَابَ الْغُلَامَ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُلَامِ الْآخَرِ نِصْفَيْنِ لِمَا قُلْنَا.
وَأَمَّا الْأُمُّ فَيَعْتِقُ مِنْهَا نِصْفُهَا لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ وِلَادَةُ الْغُلَامِ فَتَعْتِقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَإِنْ سَبَقَتْ وِلَادَةُ الْجَارِيَةِ لَا تَعْتِقُ فَيَعْتِقُ نِصْفُهَا وَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ لِمَا قُلْنَا.
وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ وَلَدْت مَا فِي بَطْنِك فَهُوَ حُرٌّ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ حَلَفَ عَتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهَا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ تَيَقَّنَّا بِكَوْنِهِ مَوْجُودًا وَقْتَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يُولَدُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتَيَقَّنَّا بِكَوْنِهِ دَاخِلًا تَحْتَ الْإِيجَابِ وَإِذَا جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَمْ نَتَيَقَّنْ بِوُجُودِهِ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ مَوْجُودًا ثُمَّ وُجِدَ بَعْدُ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْإِيجَابِ مَعَ الشَّكِّ وَكَذَا إذَا قَالَ لَهَا: مَا فِي بَطْنِك حُرٌّ إلَّا أَنَّ هَهُنَا يَعْتِقُ مِنْ يَوْمِ حَلَفَ وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ: يَوْمَ تَلِدُ لِأَنَّ هُنَاكَ شُرِطَ الْوِلَادَةُ وَلَمْ تُشْتَرَطْ هَهُنَا وَلَوْ قَالَ لَهَا: إذَا حَمَلْت فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ لِسَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْكَلَامِ لَا تَعْتِقُ وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ تَعْتِقْ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ تَقَعُ عَلَى حَمْلٍ يَحْدُثُ بَعْدَ الْيَمِينِ فَإِذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ لِسَنَتَيْنِ؛ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا كَانَتْ حُبْلَى مِنْ وَقْتِ الْكَلَامِ لَا تَعْتِقُ وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ لِسَنَتَيْنِ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا كَانَتْ حُبْلَى وَقْتَ الْيَمِينِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ حَدَثَ الْحَمْل بَعْدَ الْيَمِينِ فَيَقَعُ الشَّكُّ فِي شَرْطِ ثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرِّيَّةُ مَعَ الشَّكِّ، فَأَمَّا إذَا وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَقَدْ تَيَقَّنَّا أَنَّ الْحَمْلَ حَصَلَ بَعْدَ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَبْقَى فِي الْبَطْنِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ الْعِتْقِ وَهُوَ الْحَمْلُ بَعْدَ الْيَمِينِ فَيَعْتِقُ.
فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ أَنَّ مِنْ أَصْلِكُمْ أَنَّ الْوَطْءَ إذَا كَانَ مُبَاحًا تُقَدَّرُ مُدَّةُ الْحَبَلِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهَلَّا قَدَّرْتُمْ هَهُنَا كَذَلِكَ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ: هَذَا مِنْ أَصْلِنَا فِيمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إثْبَاتُ رَجْعَةٍ أَوْ إعْتَاقٍ بِالشَّكِّ وَلَوْ جَعَلْنَا مُدَّةَ الْحَمْلِ هَهُنَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ لَكَانَ فِيهِ إثْبَاتُ الْعِتْقِ بِالشَّكِّ وَهَذَا لَا يَجُوزُ ثُمَّ إنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْمَقَالَةِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ