لَهَا نِصْفُ الْأَلْفِ فِي قَوْلِهِمْ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ إلَى مُتْعَةِ مِثْلِهَا، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُسَمَّى لَمْ يَثْبُتْ لِوُقُوعِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ، وَالطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ يُوجِبُ الْمُتْعَةَ، وَيُحْكَمُ مُتْعَةُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَرْضَى بِذَلِكَ، وَالزَّوْجُ لَا يَرْضَى بِالزِّيَادَةِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي الزِّيَادَةِ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَحْكِيمِ مَهْرِ الْمِثْلِ هَهُنَا؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ لَا يَثْبُتُ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَتَعَذَّرَ تَحْكِيمُهُ، فَوَجَبَ إثْبَاتُ الْمُتَيَقَّنَ، وَهُوَ نِصْفُ الْأَلْفِ، وَمُتْعَةُ مِثْلِهَا لَا تَبْلُغُ ذَلِكَ عَادَةً، فَلَا مَعْنَى لِتَحْكِيمِ الْمُتْعَةِ عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ بِالزِّيَادَةِ، وَقِيلَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِاخْتِلَافِ وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ، فَوَضْعُ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي الْأَلْفِ، وَالْأَلْفَيْنِ، وَلَا وَجْهَ لِتَحْكِيمِ الْمُتْعَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَقَرَّ لَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ، وَهِيَ تَزِيدُ عَلَى مُتْعَةِ مِثْلِهَا عَادَةً، فَقَدْ أَقَرَّ الزَّوْجُ لَهَا بِمُتْعَةِ مِثْلِهَا، وَزِيَادَةٍ، فَكَانَ لَهَا ذَلِكَ، وَوَضَعَهَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي الْعَشَرَةِ وَالْمِائَةِ بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ: تَزَوَّجْتُكِ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ.
وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: تَزَوَّجْتَنِي عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَمُتْعَةُ مِثْلِهَا عِشْرُونَ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الزَّوْجُ مُقِرًّا لَهَا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ، وَذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ مُتْعَةِ مِثْلِهَا عَادَةً، فَكَانَ لَهَا مُتْعَةُ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ عَيْنًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ، وَالْجَارِيَةِ، فَلَهَا الْمُتْعَةُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْجَارِيَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَلْفِ، وَالْأَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْأَلْفِ هُنَاكَ ثَابِتَةٌ بِيَقِينٍ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَسْمِيَةِ الْأَلْفِ، فَكَانَ الْقَضَاءُ بِنِصْفِهَا حُكْمًا بِالْمُتَيَقَّنِ، وَالْمِلْكُ فِي نِصْفِ الْجَارِيَةِ لَيْسَ بِثَابِتٍ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدِهِمَا، فَلَمْ يُمْكِنْ الْقَضَاءُ بِنِصْفِ الْجَارِيَةِ إلَّا بِاخْتِيَارِهِمَا، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ سَقَطَ الْبَدَلَانِ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْمُتْعَةِ هَذَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي حَيَاةِ الزَّوْجَيْنِ، فَإِنْ كَانَ فِي حَيَاةِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَرْأَةِ إلَى تَمَامِ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً، وَقَوْلُ وَرَثَتِهَا إنْ كَانَتْ مَيِّتَةً، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَوَرَثَتِهِ فِي الزِّيَادَةِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَوْلُ قَوْلُ، وَرَثَةِ الزَّوْجِ إلَّا أَنْ يَأْتُوا بِشَيْءٍ مُسْتَنْكَرٍ، وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ وَرَثَةِ الزَّوْجَيْنِ، فَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي أَصْلِ التَّسْمِيَةِ، وَكَوْنِهَا، فَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا أَقْضِي بِشَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَصْلِ التَّسْمِيَةِ، وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ.
وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ التَّسْمِيَةَ إذَا لَمْ تَثْبُتْ لِاخْتِلَافِهِمَا، وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ، فَيَبْقَى بَعْدَ مَوْتِهِمَا كَالْمُسَمَّى، وَصَارَ كَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا، ثُمَّ مَاتَا، وَجَوَابُ أَبِي حَنِيفَةَ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَمَّا قَوْلُهُمَا أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يَجِبُ بِالْعَقْدِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ، فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّهُ وَجَبَ لَكِنَّهُ لَمْ يَبْقَ إذْ الْمَهْرُ لَا يَبْقَى بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجَيْنِ عَادَةً، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَلْ الظَّاهِرُ هُوَ الِاسْتِيفَاءُ وَالْإِبْرَاءُ هَذَا هُوَ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ، فَلَا يَثْبُتُ الْبَقَاءُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ، وَالثَّانِي: لَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ بَقِيَ لَكِنَّهُ تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ التَّقَادُمِ، وَعِنْدَ التَّقَادُمِ لَا يُدْرَى مَا حَالُهَا، وَمَهْرُ الْمِثْلِ يُقَدَّرُ بِحَالِهَا، فَيَتَعَذَّرُ التَّقْدِيرُ عَلَى أَنَّ اعْتِبَارَ مَهْرِهَا بِمَهْرِ مِثْلِ نِسَاءِ عَشِيرَتِهَا، فَإِذَا مَاتَا، فَالظَّاهِرُ مَوْتُ نِسَاءِ عَشِيرَتِهَا، فَلَا يُمْكِنُ التَّقْدِيرُ (وَجْهُ) قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُشْكِلٌ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْوَرَثَةُ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَوْلُ قَوْلُ، وَرَثَةِ الزَّوْجِ إلَّا أَنْ يَأْتُوا بِشَيْءٍ مُسْتَنْكَرٍ جِدًّا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْقَوْلُ قَوْلُ، وَرَثَةِ الْمَرْأَةِ إلَى قَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَلَوْ بَعَثَ الزَّوْجُ إلَى امْرَأَتِهِ شَيْئًا، فَاخْتَلَفَا، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: هُوَ هَدِيَّةٌ.
وَقَالَ الزَّوْجُ: هُوَ مِنْ الْمَهْرِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إلَّا فِي الطَّعَامِ الَّذِي يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمُمَلِّكُ، فَكَانَ أَعْرَفَ بِجِهَةِ تَمْلِيكِهِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إلَّا فِيمَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ، وَهُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبْعَثُ مَهْرًا عَادَةً.
(فَصْلٌ) :
وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا اخْتِلَافُ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ، وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا.
وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي حَالِ حَيَاتِهِمَا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ وَرَثَتِهِمَا بَعْدَ وَفَاتِهِمَا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا، وَمَوْتِ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ حَيَاتِهِمَا، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ زَوَالِهِ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ، فَمَا كَانَ يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ كَالْعِمَامَةِ، وَالْقَلَنْسُوَةِ، وَالسِّلَاحِ وَغَيْرِهَا، فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ، وَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ مِثْلُ الْخِمَارِ وَالْمِلْحَفَةِ وَالْمِغْزَلِ وَنَحْوِهَا، فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهَا