وَالْمُوصَى لَهُ يَوْمًا، وَفِي الدَّارِ يَسْكُنُ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَهَا، وَالْوَرَثَةُ ثُلُثَيْهَا عَلَى طَرِيقِ الْمُهَايَأَةِ، فَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ السَّنَةُ، أَوْ ذَلِكَ الشَّهْرُ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ يَحْصُلُ لِلْمُوصَى لَهُ مَنْفَعَةُ السَّنَةِ أَوْ الشَّهْرِ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُكْمِلَ ذَلِكَ مِنْ سَنَةٍ أُخْرَى، أَوْ مِنْ شَهْرٍ آخَرَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُضِيفَتْ إلَى تِلْكَ السَّنَةِ، أَوْ ذَلِكَ الشَّهْرِ لَا إلَى غَيْرِهِمَا.
وَلَوْ عَيَّنَ الشَّهْرَ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ السَّنَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا بِأَنْ قَالَ: هَذَا الشَّهْرُ، أَوْ هَذِهِ السَّنَةُ يُنْظَرُ إنْ مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ ذَلِكَ الشَّهْرِ، أَوْ تِلْكَ السَّنَةِ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ نَفَاذُهَا عِنْدَ مَوْتِهِ، وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ الشَّهْرُ، أَوْ تِلْكَ السَّنَةُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ ذَلِكَ الشَّهْرُ، أَوْ السَّنَةُ، فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ يَنْتَفِعُ بِهَا فَمَا بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ، أَوْ السَّنَةِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ آخَرُ فَفِي الْعَبْدِ يَنْتَفِعُ بِهَا الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا، وَالْوَرَثَةُ يَوْمَيْنِ إلَى أَنْ يَمْضِيَ ذَلِكَ الشَّهْرُ، أَوْ السَّنَةُ، وَفِي الدَّارِ يَسْكُنَاهَا أَثْلَاثًا عَلَى طَرِيقِ الْمُهَايَأَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلَوْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِإِنْسَانٍ، وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ، أَوْ بِسُكْنَى دَارِهِ لِإِنْسَانٍ، وَبِرَقَبَتِهَا لِآخَرَ، وَالرَّقَبَةُ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَالرَّقَبَةُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَالْخِدْمَةُ كُلُّهَا لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَمَّا احْتَمَلَتْ الْإِفْرَادَ مِنْ الرَّقَبَةِ بِالْوَصِيَّةِ حَتَّى لَا تُمَلَّكَ الْوَرَثَةُ الرَّقَبَةَ، وَالْمُوصَى لَهُ الْمَنْفَعَةَ، فَيَسْتَوِي فِيهَا الْإِفْرَادُ بِاسْتِيفَاءِ الرَّقَبَةِ لِنَفْسِهِ، وَتَمْلِيكِهَا مِنْ غَيْرِهِ، فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا مُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ، وَالْآخَرُ بِالْمَنْفَعَةِ، فَإِذَا مَاتَ الْمُوصَى مَلَكَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ الرَّقَبَةَ، وَصَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ الْمَنْفَعَةَ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى بِرَقَبَةِ شَجَرَةٍ أَوْ بُسْتَانٍ لِإِنْسَانٍ، وَبِثَمَرَتِهِ لِآخَرَ، أَوْ بِرَقَبَةِ أَرْضٍ لِرَجُلٍ، وَبِغَلَّتِهَا لِآخَرَ، أَوْ بِأَمَةٍ لِرَجُلٍ، وَبِمَا فِي بَطْنِهَا لِآخَرَ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ، وَالْغَلَّةَ، وَالْحَمْلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَحْتَمِلُ الْإِفْرَادَ بِالْوَصِيَّةِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْتَبْقِيَ الْأَصْلَ لِنَفْسِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَمْلِكَهُ مِنْ غَيْرِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ
وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُوصَى بِهِ مَوْجُودًا وَقْتَ كَلَامِ الْوَصِيَّةِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا عِنْدَهُ، فَالْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ إلَّا إذَا كَانَ فِي كَلَامِ الْمُوصِي مَا يَقْتَضِي الْوُجُودَ لِلْحَالِ، فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ عِنْدَ كَلَامِ الْوَصِيَّةِ.
وَكَذَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ، أَوْ بِغَلَّةِ أَرْضِهِ، أَوْ بِغَلَّةِ أَشْجَارِهِ أَوْ بِغَلَّةِ عَبْدِهِ، أَوْ بِسُكْنَى دَارِهِ، أَوْ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ، وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ، أَوْ دَابَّتِهِ، وَبِالصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ غَنَمِهِ،، وَبِاللَّبَنِ فِي ضَرْعِهَا، وَثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ، وَثَمَرَةِ أَشْجَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَوْجُودًا لِلْحَالِ.
(وَأَمَّا) وُجُودُهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَهَلْ هُوَ شَرْطُ بَقَاءِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الصِّحَّةِ؟ (فَأَمَّا) فِي الثُّلُثِ، وَالْعَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فَشَرْطٌ، حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلَهُ مَالٌ عِنْدَ كَلَامِ الْوَصِيَّةِ، ثُمَّ هَلَكَ، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصَى بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ.
وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِمَا فِي الْبَطْنِ، وَالضَّرْعِ، وَبِمَا عَلَى الظَّهْرِ مِنْ الصُّوفِ، وَاللَّبَنِ، وَالْوَلَدِ، حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمُوصَى بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَوْجُودًا وَقْتَ مَوْتِهِ.
وَأَمَّا فِي الْوَصِيَّةِ بِالثَّمَرَةِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ بِغَلَّةِ الدَّارِ، وَالْعَبْدِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ جِنْسَ هَذِهِ الْوَصَايَا عَلَى أَقْسَامٍ بَعْضُهَا يَقَعُ عَلَى الْمَوْجُودِ وَقْتَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَاَلَّذِي يُوجَدُ بَعْدَ مَوْتِهِ سَوَاءٌ ذَكَرَ الْمُوصِي فِي وَصِيَّتِهِ الْأَبَدَ، أَوْ لَمْ يَذْكُرْ، وَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِالْغَلَّةِ، وَسُكْنَى الدَّارِ، وَخِدْمَةِ الْعَبْدِ، وَبَعْضُهَا يَقَعُ عَلَى الْمَوْجُودِ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَلَا يَقَعُ عَلَى مَا يَحْدُثُ بَعْدَ مَوْتِهِ سَوَاءٌ ذَكَرَ الْأَبَدَ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ، وَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِمَا فِي الْبَطْنِ، وَالضَّرْعِ، وَبِمَا عَلَى الظَّهْرِ، فَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا، وَلَدٌ، وَفِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ، وَعَلَى ظَهْرِهَا صُوفٌ وَقْتَ مَوْتِ الْمُوصِي فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَفِي بَعْضِهَا إنْ ذَكَرَ لَفْظَ الْأَبَدِ يَقَعُ عَلَى الْمَوْجُودِ، وَالْحَادِثِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ، فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ مَوْتِ الْمُوصِي يَقَعُ عَلَى الْمَوْجُودِ، وَلَا يَقَعُ عَلَى الْحَادِثِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فَالْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ كَمَا فِي الصُّوفِ، وَالْوَلَدِ، وَاللَّبَنِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ، وَتَقَعُ عَلَى مَا يَحْدُثُ كَمَا لَوْ ذَكَرَ الْأَبَدَ، وَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ بِثَمَرَةِ الْبُسْتَانِ.
وَالشَّجَرِ إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَجُوزُ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ، أَوْ فِيمَا يَدْخُلُ تَحْتَ عَقْدٍ مِنْ الْعُقُودِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ، وَالْحَادِثُ مِنْ الْوَلَدِ، وَأَخَوَاتِهِ لَا يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ عَقْدٍ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ، بِخِلَافِ الْغَلَّةِ فَإِنَّ لَهُ نَظِيرًا فِي الْعُقُودِ، وَهُوَ عَقْدُ الْمُعَامَلَةِ، وَالْإِجَارَةِ،.
وَكَذَلِكَ سُكْنَى الدَّارِ، وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ يَدْخُلَانِ تَحْتَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَالْإِعَارَةِ فَكَانَ لَهُمَا نَظِيرٌ فِي الْعُقُودِ.
وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِثَمَرَةِ الْبُسْتَانِ، وَالشَّجَرِ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا تَقَعُ عَنْ الْمَوْجُودِ وَقْتَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَالْحَادِثُ بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ ذَكَرَ الْأَبَدَ؛ لِأَنَّ اسْمَ الثَّمَرَةِ يَقَعُ عَلَى الْمَوْجُودِ، وَالْحَادِثِ، وَالْحَادِثُ مِنْهَا يَحْتَمِلُ الدُّخُولَ تَحْتَ بَعْضِ الْعُقُودِ، وَهُوَ عَقْدُ الْمُعَامَلَةِ، وَالْوَقْفِ، فَإِذَا ذَكَرَ الْأَبَدَ يَتَنَاوَلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَبَدَ، فَإِنْ كَانَ وَقْتَ مَوْتِ