بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ بِأَنْ أَدْرَكَ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ بِشَرْطِ التَّرْكِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ عَلَى أَصْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَدْرَكَ الْكُلَّ فَاشْتَرَاهَا بِشَرْطِ التَّرْكِ؛ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ عِنْدَهُمَا فَبِإِدْرَاكِ الْبَعْضِ أَوْلَى.

(وَأَمَّا) عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ اخْتِيَارُ الْعَادَةِ فَإِنْ كَانَ صَلَاحُ الْبَاقِي مُتَقَارِبًا جَازَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الثِّمَارِ أَنْ لَا يُدْرِكَ الْكُلُّ دُفْعَةً وَاحِدَةً بَلْ يَتَقَدَّمُ إدْرَاكُ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ وَيَلْحَقُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا بَعْدَ إدْرَاكِ الْكُلِّ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ؛ لَصَحَّ الشِّرَاءُ عِنْدَهُ بِشَرْطِ التَّرْكِ كَذَا هَذَا، وَإِنْ كَانَ يَتَأَخَّرُ إدْرَاكُ الْبَعْضِ عَنْ الْبَعْضِ تَأْخِيرًا فَاحِشًا كَالْعِنَبِ وَنَحْوِهِ يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيمَا أَدْرَكَ وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَمْ يُدْرِكْ؛ لِأَنَّ عِنْدَ التَّأَخُّرِ الْفَاحِشِ يَلْتَحِقَانِ بِجِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.

(وَمِنْهَا) : شَرْطُ الْأَجَلِ فِي الْمَبِيعِ الْعَيْنِ وَالثَّمَنِ الْعَيْنِ وَهُوَ أَنْ يُضْرَبَ لِتَسْلِيمِهَا أَجَلٌ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى جَوَازَ التَّأْجِيلِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ تَمْلِيكٌ بِتَمْلِيكٍ وَتَسْلِيمٌ بِتَسْلِيمٍ وَالتَّأْجِيلُ يَنْفِي وُجُوبَ التَّسْلِيمِ لِلْحَالِ فَكَانَ مُغَيِّرًا مُقْتَضَى الْعَقْدِ إلَّا أَنَّهُ شَرْطُ نَظَرٍ لِصَاحِبِ الْأَجَلِ لِضَرُورَةِ الْعَدَمِ تَرْفِيهًا لَهُ وَتَمْكِينًا مِنْ اكْتِسَابِ الثَّمَنِ فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْأَعْيَانِ فَبَقِيَ التَّأْجِيلُ فِيهَا تَغْيِيرًا مَحْضًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ، وَيَجُوزُ فِي الْمَبِيعِ الدَّيْنُ وَهُوَ السَّلَمُ بَلْ لَا يَجُوزُ بِدُونِهِ عِنْدَنَا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ وَكَذَا يَجُوزُ فِي الثَّمَنِ الدَّيْنُ وَهُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ يُلَائِمُ الدُّيُونَ وَلَا يُلَائِمُ الْأَعْيَانَ؛ لِمَسَاسِ حَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ فِي الدُّيُونِ لَا فِي الْأَعْيَانِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

(وَمِنْهَا) : شَرْطُ خِيَارٍ مُؤَبَّدٍ فِي الْبَيْعِ.

(وَمِنْهَا) : شَرْطُ خِيَارٍ مُؤَقَّتٍ بِوَقْتٍ مَجْهُولٍ جَهَالَةً مُتَفَاحِشَةً كَهُبُوبِ الرِّيحِ وَمَجِيءِ الْمَطَرِ وَقُدُومِ فُلَانٍ وَمَوْتِ فُلَانٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ مُتَقَارِبَةً كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ وَنَحْوِهَا.

(وَمِنْهَا) : شَرْطُ خِيَارٍ غَيْرِ مُؤَقَّتٍ أَصْلًا وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْعَقْدِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ لِلْحَالِ فَكَانَ شَرْطًا مُغَيِّرًا مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَإِنَّهُ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْقِيَاسُ إلَّا أَنَّا عَرَفْنَا جَوَازَهُ اسْتِحْسَانًا بِخِلَافِ الْقِيَاسِ بِالنَّصِّ وَهُوَ مَا رُوِيَ «أَنَّ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ كَانَ يَغْبِنُ فِي التِّجَارَاتِ فَشَكَا أَهْلُهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ إذَا بَايَعْت فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ وَلِيَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» فَبَقِيَ مَا وَرَاءَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ.

(وَمِنْهَا) شَرْطُ خِيَارٍ مُؤَقَّتٍ بِالزَّائِدِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: هَذَا الشَّرْطُ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ وَاحْتَجَّا بِمَا رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ سَيِّدِنَا عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - شَرَطَ الْخِيَارَ شَهْرَيْنِ وَلِأَنَّ النَّصَّ الْوَارِدَ فِي خِيَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَعْلُولٌ بِالْحَاجَةِ إلَى دَفْعِ الْغَبْنِ بِالتَّأَمُّلِ لِدَفْعِ الْغَبْنِ وَالنَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْبَصَارَةِ بِالسِّلَعِ فَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الْخِيَارُ أَبْصَرَ مِنْهُ فَفُوِّضَ الْخِيَارُ إلَيْهِ لِلتَّأَمُّلِ وَالنَّظَرِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ الِاقْتِصَارَ عَلَى الثَّلَاثِ كَالْحَاجَةِ إلَى التَّأْجِيلِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ فِي الْأَصْلِ مِمَّا يَأْبَاهُ الْقِيَاسُ، وَالنَّصُّ أَمَّا الْقِيَاسُ فَمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ شَرْطٌ مُغَيِّرٌ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَمِثْلُ هَذَا الشَّرْطِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ فِي الْأَصْلِ.

وَأَمَّا النَّصُّ فَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» وَهَذَا بَيْعُ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلُّقُ انْعِقَادِ الْعَقْدِ عَلَى غَرَرِ سُقُوطِ الْخِيَارِ إلَّا أَنَّهُ وَرَدَ نَصٌّ خَاصٌّ بِجَوَازِهِ فَيَتْبَعُ مَوْرِدَ النَّصِّ، وَإِنَّهُ وَرَدَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَارَ ذَلِكَ مَخْصُوصًا عَنْ النَّصِّ الْعَامِّ وَتُرِكَ الْقِيَاسُ فِيهِ فَيُعْمَلُ بِعُمُومِ النَّصِّ وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ فِيمَا وَرَاءِ هَذَا وَالْعَمَلُ بِقَوْلِ سَيِّدِ الْبَشَرِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَوْلَى مِنْ الْعَمَلِ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ سَيِّدِنَا عُمَرَ وَقَوْلُهُمَا: النَّصُّ مَعْلُولٌ بِالْحَاجَةِ إلَى دَفْعِ الْغَبْنِ قُلْنَا: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ فَالثَّلَاثُ مُدَّةٌ صَالِحَةٌ لِدَفْعِ الْغَبْنِ لِكَوْنِهَا صَالِحَةً لِلتَّأَمُّلِ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ لَا نِهَايَةَ لَهُ.

(وَأَمَّا) شَرْطُ خِيَارٍ مُؤَقَّتٍ بِالثَّلَاثِ فَمَا دُونَهَا فَلَيْسَ بِمُفْسِدٍ اسْتِحْسَانًا لِحَدِيثِ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ وَلِمَسَاسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِدَفْعِ الْغَبْنِ وَالتَّدَارُكِ عِنْدَ اعْتِرَاضِ النَّدَمِ وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ لِلْعَاقِدِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِأَنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِثَالِثٍ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ.

(وَجْهُ) قَوْلِهِ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ لِلْعَاقِدِ.

مَعَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَاهُ ثَبَتَ بِالنَّصِّ فَبَقِيَ اشْتِرَاطُهُ لِغَيْرِهِ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ.

(وَلَنَا) أَنَّ النَّصَّ مَعْلُولٌ بِالْحَاجَةِ إلَى التَّأَمُّلِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ صَلَحَ؛ أَجَازَهُ وَإِلَّا فَسَخَ، وَإِذَا جَازَ هَذَا الشَّرْطُ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ وَلِلْعَاقِدِ أَيْضًا وَلِمَا نَذْكُرُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وِلَايَةُ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَاقِدُ مَالِكًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ وَلِيًّا أَوْ وَكِيلًا فَيَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِصَاحِبِهِ الَّذِي عَاقَدَهُ.

(أَمَّا) الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ فَلِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ مِنْهُمَا مِنْ بَابِ النَّظَرِ لِلصَّغِيرِ فَيَمْلِكَانِهِ.

(وَأَمَّا)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015