اقْتِضَاء الْحق الْوَاجِب للسُّلْطَان على الرّعية وَهُوَ نَوْعَانِ امْتِثَال مَا وَجب فعله وَاجْتنَاب مَا وَجب تَركه
النَّوْع الأول وَهُوَ جملَة حُقُوق
الطَّاعَة وَقد سبق أَنَّهَا من أعظم الْوَاجِبَات الدِّينِيَّة وَالْغَرَض الْآن التَّنْبِيه على فَوَائِد
أَنَّهَا الْخصْلَة الَّتِي يعز بهَا السُّلْطَان وَتظهر بهَا صُورَة ملكه قَالَ ملك فَارس لبَعض الْحُكَمَاء مَا شَيْء وَاحِد يعز بِهِ السُّلْطَان قَالَ الطَّاعَة
قَالَ فَمَا ملاك الطَّاعَة قَالَ التودد إِلَى الْخَاصَّة وَالْعدْل على الْعَامَّة قَالَ صدقت
أَنَّهَا على أوجه على الرَّغْبَة والمحبة والرهبة والديانة قَالَ وَطَاعَة الْمحبَّة أفضل من طَاعَة الرَّغْبَة والرهبة
قلت وَطَاعَة الديانَات أفضل من الْجَمِيع وَمن مُوجبه مَا سبق أَن الدعْوَة الدِّينِيَّة تزيد الدولة قُوَّة واقتدارا
أَن النَّاس بهَا أهل الدّين وذوو النعم
قَالَ الطرطوشي لِأَن بهَا يُقَام الدّين وَتحفظ النعم
قلت كَمَا يحْكى عَن الإِمَام أبي حنيفَة رَحمَه الله انه لما مَنعه الْوَالِي من الْفتيا كَانَ يَوْمًا فِي بَيته وَمَعَهُ زَوجته وَابْنه فَقَالَت لَهُ ابْنَته إِنِّي صَائِمَة وَقد خرج من بَين أسناني الدَّم وبصقته حَتَّى عَاد الرِّيق أَبيض لَا يظْهر عَلَيْهِ