توفّي سنة 650 هـ قبل سقوط بغداد في أيدي التتر، ألّف كتابه العباب الزاخر في آخر حياته وذكر أن مصادره فيه تربي على ألف مصدر، وأول ما سمّاه منها كتب غرائب الحديث، وهي تسعة كتب ليس فيها من الكتب المذكورة إلا كتاب أبي عبيدة. وقد يقال إن الصغاني لم يستقص في ذكر غرائب الحديث، وإنما ذكر ما ذكر على وجه التمثيل. ولكن ألم يكن ذكر تلك الكتب الأصول - لو كانت بين يديه - أولى من ذكر مجموع الغرائب للسمعاني وكتابنا جمل الغرائب هذا؟
والمصادر التي سمّاها المؤلّف في النص المنقول آنفًا يبدو أول وهلة أن عددها 13 مصدرًا، ولكنها في الواقع 15 كتابًا، لم يصل إلينا منها ثمانية كتب، والتاسع وجدت منه المجلدة الخامسة فحسب.
ومن هذه المصادر أربعة كتب لعلماء اللغة الأوائل: وهم النضر بن شميل (203 هـ) وقطرب (206 هـ) وأبو عبيدة (210 هـ) والأصمعي (217 هـ). وقد سبق خلافهم في أول من ألف في غريب الحديث أنه أبو عبيدة أو النضر بن شميل، وأيا كان الصواب فإن كتابيهما جميعًا كانا من موارد بيان الحق.
وذكر ابن الصلاح (643 هـ) أن كتابيهما صغيران (?)، وقال ابن الأثير (606 هـ) أن كتاب النضر أكبر من كتاب أبي عبيدة وشرح فيه وبسط على صغر حجمه ولطفه (?). أما كتاب الأصمعي فقال فيه الخطابي (388 هـ): "وكتاب ينسب إلى الأصمعي يقع في أوراق معدودة" (?). وينبئ كلامه بأنه اطّلع على الكتاب المذكور، ولكن ذكر ابن النديم أنه رأى نسخة منه بخط السكري في نحو مائتي ورقة (?). أما كتاب قطرب فلم أر من ذكر حجمه، ثم يفهم من كلام ابن درستويه أن أبا عبيد جمع في كتابه عامة ما في كتب أبي عبيدة وغيره، وذكر